للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

الحُكْمِ، فإِذا اجتمعا في علَّةُ الحكْمِ فهو المُصَححُ للقياسِ. والظاهرُ أنَ الإِجماع حصل لاتفاقهما في عِلةِ الحكمِ.

وقد قال إِمامٌ في الجدل والفِقْهِ في الجَواب عن هذا الإِشكالِ: إِن دليلَ الأصل إِنْ شَمَلَ الفَرع، أو وقع الإِجَماعُ فيه كما وقع في الأصْلِ، فثبت انَه يخصه، وان القياسَ، جائز عليه.

فصل

ومن جُملةِ هذا القبيلِ الذي يَرد به القياسَ بَعْضُ مَنْ يقول بالقياسِ: أنَّ يقولَ المُعترضُ على القياسِ للقائسِ: إِنك قد قِسْتَ على موضعِ الاستحسانِ، وموضعُ الاستحسان مَخْصوصٌ، وكل مَخْصوصٍ فلا يُقاس عليه؛ لان المَخْصوصَ مُقْتَطَعٌ، ومَنْ جَمَعَ بَيْنَ مُقْتَطَعٍ وغَيْرِهِ، رامَ إزالةَ اقتطاع الشَرْع، فكان بمثابةِ مَنْ قَطَعَ بَيْنَ ما جمع الشَرْعُ بينهما (١).

فالجوابُ عنه أن يُقالَ: أنَّ القياسَ عندنا جائزٌ على كلِّ أصل يُوجَدُ فيه علَّةُ الحُكْمِ، ولأنَه اذا ثبتَ بالخَبَرِ أنه الحُكْمُ، صارَ أصلًا وكان القياسُ عليه أولى من القياسِ على غَيْرِهِ، وإِذا كان مَخْصوصاً عندكَ من القياس لم يَمْنَعْ ذلك كَوْنَه أصْلاً، وقد قاسَ أبو حنيفةَ جماعَ الناسي في صوم رمضان على أكْلِ الناسي (٢)، وإن كان إسقاطُ القضاءِ عن الآكلَ ناسياً ليس يُقاسُ، لكنه استحسانٌ، وسنُشْبِعُ إِن شاءَ الله الكلامَ على ذلك في مسائلِ الخلافِ (٣).


(١) انظر "التمهيد" للكلوذاني ٤/ ١١١.
(٢) انظر "الاختيار لتعليل المختار"١/ ١٣٣ و"رحمة الأمة": ١٩٩.
(٣) في الجزء الأخير من الكتاب.

<<  <  ج: ص:  >  >>