للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

مثالُه: أن يقولَ الشافعيُّ في المتولد من بين أصلين: لا زكاةَ في أحدِهما بحال، فلم تجب فيه الزكاةُ (١) كما لو كانت الأمهاتُ من الظباءِ، وهذا قياسٌ على أَبي حنيفة، ولا يُسَلمُهُ أصحابُنا لهم، فيقول المُخالفُ: لا تأثيرَ لقولك: بحالٍ، فإنك لو اقتصرتَ على قولك: لا زكاةَ في أحدهما لم ينتقض بشيءٍ، فقولُك: بحال، حَشْوٌ في العِلةِ لا تحتاجُ إِليه. فيقولُ الشافعي: هذا ذكرْتُه للتأكيد، وتأكيدُ الألفاظِ لا تعدُّها العربُ حَشواً ولا لَغْواً، ولهذا جاء بها القرآن، قال سبحانه: {فَسَجَدَ الْمَلَائِكَةُ كُلُّهُمْ أَجْمَعُونَ} [الحجر: ٣٠] فأكَد ثم أَكد، ولم يُعَدَّ ذلك لَغْواً.

أو يقول: هذه الزيادةُ ذكرتُها لتأكيدِ الحُكْم، وذلك مثل أن يقولَ الشافعيُّ في القذفِ: إنَه يتعلق به رد الشهادة، لأَنه كبيرة تُوجبُ الحد، فتعلق بها ردالشهادةِ، كالزَنا. فيقول المخالفُ: قولُك: يُوجِبُ الحد حَشْو في العِلةِ لا يُحتاجُ إليه، فيقول: إن تعلقَ الحدِّ بها يدلُّ على تأكدِها، وتأكدُ العِلةِ يُوجبُ تأكدَ الحُكْمِ، وما يُوجبُ تأكيدَ الحكمِ لا يُعَدُ لَغْواً.

أو يقول: إِن هذه الزيادةَ ذكرتُها للبيانِ، وذلك (٢) مثل أن يقول الشافعيُّ في التَحرِّي في الأواني: إنه جنْس يدخُله التحرِّي إِذا كان عددُ المُباحِ أَكثر، وإِن لم يكن عددُ المباحِ أَكثَرَ، كالثيابِ.


(١) انظر "التمهيد" ٤/ ١٣٦.
(٢) في الأصل: "ولذلك".

<<  <  ج: ص:  >  >>