إذا انتقضت علَّةُ المستدل فزاد فيها وصْفاً، فقد انقطعت حُجتُهُ التي بدأ بها، وعجز عن استتمامِ ما بدأ به من نُصْرَةِ الحُكْمِ فيها، وكان ذلك انتقالاً عمّا احتجَّ به (١).
وقال بعضُ أهلِ الجدلِ: لا يُعَد انقطاعاً إذا كان الوَصْفُ معهوداً معروفاً في العلَّةِ، وإنما أَخل به سَهْوٌ أَو سَبَقَ على لسانهِ بَعْضُ أَوصافِها دون بَعْض، وإليه ذهب بعضُ أصحاب الشافعيِّ، واتفقوا في غير المعهودِ أنه يكون انقطاعاً، وعندي أَنَ الأَمرَيْن سواءٌ، إلاّ أَنَ السَّهْو والغَفلةَ وغير ذلك وإن كانت أعذاراً تسقطُ اللاَئمةَ والمَعْتَبَةَ، فإنها لا تُخْرِجُ المعذورَ بها عن العَجْزِ، فإن أكثر الأعذارِ عَجْز، والعَجْزُ انقطاع.
ولو كان السَّهْوُ عُذْراً يمنع من الانقطاع، لكان الجَهْلُ عُذْراً أَيْضاً، ومن أين لنا أنه مع كوْنِ الوصفِ معروفاً لنا أنه معروف عند هذا الذي أخَل به؟
فصل منه أيضاً
وإذا نقض الناقضُ العلَّةَ بحكم منسوخ كان في زمانِ النبى - صلى الله عليه وسلم -، أَو بما خُصَ به النبي - صلى الله عليه وسلم -، مثل أَن يقول: تكلم في صلاته بخِطابِ
(١) انظر "المسوَّدة "٤٣١، و" شرح الكوكب المنير" ٤/ ٢٩٠، و"التمهيد" ٤/ ١٤٦.