للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

الأيتام (١). وما فرقَهُ النص لا يجمعُه الرأيُ والاجتهادُ.

وجوابُ الحنفي عن هذا: أَن يُبَيّنَ صحةَ اعتباره وأن الشرع ورد باعتبارِ أَحدِهما بالآخَرِ؛ فإنه قال: يُحِل الدِّباغُ الجِلْدَ كما يُحل الخَل الخَمْرَ، ويتكلَّم على خبر النهى عن التخليلِ بما يُسْقِطُ الحجةَ منه.

وألحَقَ أَصحابُ أَبي حنيفة بهذا حَمْلَ المُطْلقِ على المُقَيدِ، حيث قِسْنا كفارةَ الظهارةِ على كفارة القَتْلِ في اعتبارِ الإيمانِ، فقالوا: القُرآنُ فرقَ بينهما فلا يجوزُ اعتبار أَحدِهما بالآخَرِ، وهذا غيرُ صحيح، لأن النص ما فرقَ بينهما في اعتبارِ الإيمانِ بل ذكره في أحدِهما وسكت عنه في الآخر (٢)، وأبداً يُقاسُ المسكوتُ على المنطوقِ.

وأَمَّا ما يُعرفُ بالأُصولِ، فَمِنْ وجوهٍ: أَحدُها: أَن يَعْتبرَ حُكْماً بحُكْم، وأحدُهُما مبنى على التوسعةِ والآخر على التَّضْييقِ، كاعتبارِ الكفَّارةِ في رمضان بالقضَاءِ، والقطعِ بالضمانِ، فيُقالُ: هذا اعتبارٌ باطلٌ، لأنَّ أَحدَهُما مَبْناهُ على التَّضْييقِ والآخَرَ على التوسعةِ، فلا يُعتبرُ أَحدُهما بالآخَر.


=فد بغتموه، فانتفعتم به". وتقدم تخريجه في الصفحة: ٣٤.
(١) أخرجه أحمد ٣/ ١١٩ والدارمي ٢/ ١٥٩ من حديث انس بن مالك.
(٢) يريد أن القرآن اعتبر كون الكفارة رقبةً مؤمنةً في قَتْلِ الخَطأ بقوله تعالى: {وَمَنْ قَتَلَ مُؤْمِنًا خَطَأً فَتَحْرِيرُ رَقَبَةٍ مُؤْمِنَةٍ} [النساء: ٩٢] وسكت عن كونِها مؤمنة في كفارةِ الظهار في قوله تعالى: {ثُمَّ يَعُودُونَ لِمَا قَالُوا فَتَحْرِيرُ رَقَبَةٍ مِنْ قَبْلِ أَنْ يَتَمَاسَّا} [المجادلة: ٣]
وانظر في هذه المسألة: "تفسير القرطبي" ٥/ ٣١٤ و١٧/ ٢٨٠ و "المغني" ١٣/ ٥١٧ - ٥١٩.

<<  <  ج: ص:  >  >>