للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

فقال: "الهرةُ سَبُع (١) ". فجعل كَوْنَ الهِرةِ سَبُعاً علةً في الطهارةِ، فلا يجوز أنَّ يُجْعلَ علةً للنجاسةِ.

والجوابُ أَن يتكلم على الخَبَرِ بما يُسقطه لتسلمَ له العلَّةُ.

وأما ما عُرفَ من جهةِ الأُصولِ، فمِثْلُ: أن يقولَ الحنبليُّ أو الحنفيُّ في قَتْلِ العَمْدِ: إنه معنى يوجبُ القَتْلَ، فلا يُوجبُ الكفارةَ، كالردَّةِ.

فيقول الشافعيُّ: علقْتَ على العلَّةِ ضد مقتضاها (٢)، لأن كَوْنَهُ موجباً للقَتْلِ سببٌ للتغليظ، فلا يجوزُ أَن يُجْعَلَ سبباً لأسقاطِ التخيير بالتكفير.

والجواب للشافعيِّ أن يقولَ: إِنه لا يقتضي إلا ما عُلقَ عليه، لأنه إِذا تغلًظ بوجوبِ القَتْلِ وجب أن يُستغنى عن تغليظٍ آخَرَ.

وأجاب بعضُهم عنه: بأن هذا يبطلُ بالأصلِ، وهو الردةُ، فإنها أوجبتِ القَتْلَ، ثم لم تُوجب الكفارةَ.

وهذا ليسس بصحيحٍ؛ لأَن السائلَ لم يقلْ: إِنَّ وجوبَ القَتْلِ علَّةُ لإيجابِ الكفارةِ. وإنما قال: سببٌ للِإيجابِ، وسببُ الِإيجابِ لا يصلُحُ أَن يُعَلقَ عليه الِإسقاطُ. وإِن كان لا يتعلَّقُ به الِإيجابُ كالشاهِد الواحدِ على الِإيجابِ، لا يُحْتَج به في الِإسقاطِ، وإن كان لا يتعلَقُ به الإيجابُ، وكذلك هاهُنا.


(١) تقدم خريجه في الصفحة: ٢٧.
(٢) في الأصل: "نقيضاها". وانظر التمهيد ٤/ ٢٠٠.

<<  <  ج: ص:  >  >>