مثالُه: قَوْلُ أصحابنا وأصحاب الشافعيِّ في البائن: لا نَقَقَةَ لها، بأنَّها أَجنبيّة منه، فاَشبَهَتِ المقضيّهَ العِدَّةِ.
وقَوْلُ أصحابِ أبي حنيفة: إِنَّها مُعْتدَّةٌ مِنْ طلاقٍ، فأشبَهَتِ الرجعيَّةَ، والنفقةُ تجبُ للزوجةِ قَبْلَ أن يطلقها طَلْقَةً رجعية، فعلتنا المُصاحبهُ أَولى، لكونها لم يَسْبِقْها حُكْمُها بَلْ صاحبَها.
فصل
ومن ذلك: تَقْديم أصحاب الشافعيِّ تَمْييزَ المستحاضةِ على عادتِها، لأن التمييزَ صفةٌ قائمةٌ فيَ الحالِ، والعادةُ زمانٌ مَضى.
فصل
وذكر أَبو عليٍّ الطبريُّ من أَصحاب الشافعيِّ: أَنَّ العِلَةَ إذا اتفق الفَرْعُ مع الأصل في الاسمِ بالجِنْسَ والمَعْنى كانَتْ أوْلى.
مثالُ ذلك: أن يُعَللَ في رَهْنِ المَشاعِ أو هِبَتِهِ بأنَّه رَهْنٌ، فأشْبَهَ اذا رَهَنَ من اثنين أو وهب من شريكهِ، كذلك اذا علل في المُكاتَب أَنّه لا يجوزُ عِتْقُهُ في الكفَّارةِ بأنَّه مُكاتَبٌ، فلا يُجْزىء في الكفارةِ، كما لو كان قَدْ أدى مِنْ كتابتِهِ نَجْما (١).
وكذلك إذا مات فإنه مات مكاتَباً فأشْبَهَ إذا لم يكن له وَفاءٌ، وإنما كانت هذه أَوْلى، لأنَّ الغَرَضَ تَقْريبُ الأصلِ من الفَرْعِ، فإذا اشتركا في الاسم كان أقْرَبَ، وهذا صحيحٌ فيما يكون للاسمِ فيه تعلق
(١) يقال: نَجَّمْتُ المالَ: إذا أديْتَه نُجوماً. والنجْمُ: الوَقْتُ المضروب. انظر "الصحاح" ٥/ ٢٠٣٩.