للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

فقد يكونُ بقياسِ علَّةٍ، وقد يكونُ بدِلالةٍ، وقد يكونُ بقياسِ شبَهٍ.

فأمَّا الفَرْقُ بقياس العِلَّةِ: فالكلامُ عليه أن يتكلم على علةِ الأصل والفَرْع بكل ما يتكلمَ به على العِلَل المُبْتَدأةٍ. والذي ينبغي أنَّ يُعْنى به أَن يَنْظُرَ إلى علَّةِ الأَصْلِ، فإِن كانت علَّةً اتفقا على صحتها، وقد بينا مثالَ ذلك في قوْلِ أَصحابِنا في الطلاقِ هل تنعقد صفتُه قَبْلَ النكاح معلقا على النكاح؛: مَنْ لا يملكُ الطلاق المباشر لا تنعقدُ صفةُ طلاقِه كالطفل. فيعارضُه الحنفيُّ: بأَنَ الأَصل غيرُ مكلف وهذا مكلفٌ، وقد سَبَقَ الكلامُ عليه باستيفاء (١).

وإِن كانت علَّةُ الأصلِ مُخْتلفاً فيها، مثل أن يقيسَ الشافعيُّ في الربا في الفاكهةِ على البر، فالذي ينبغي أن يُعْنى به، أن يتكلمَ على علَّةُ الأصْلِ بأن يقولَ: لا يجوزُ أن يكون الكَيْلُ علةً، لأن الكَيْلَ يتخلص به من الرِّبا، فلا يجوزُ أنَّ يُجعَلَ علَماً يقتضي تحريمَ الرِّبا، ولأن الكَيْلَ لا يُوجَدُ الحكم بوجودهِ، ولا يُعْدَمُ بعَدَمِهِ، ولأنْ التعليل بالكيْلِ يعودُ على أصْلهِ (٢) بالِإبطالِ، وما أَشْبَهَ ذلك.

واما الفَرْقُ بقياسِ الدلالة فضرْبان (٣):

أَحدُهما: أَن يفرق بحكْمٍ من أَحكامِ الفرع، وذلك مثل: أَن يقولَ الحنفيُّ في سجودِ التلاوةِ: إنَّه سجود يجوز فِعْلُهِ في الصلاةِ، فكان


(١) انظر ما تقدم في الصفحة (٣٠١).
(٢) في الأصل: أهلهِ. وصوابُه من "المعونةِ في الجدل": ١١٦.
(٣) "المعونة في الجدل": ١١٦ ويبدو أن المصنِّف قد أَخذ هذا الفصل منه.

<<  <  ج: ص:  >  >>