الصحيحُ عندي أنه لا يصح التعلقُ به، وهو على خلافٍ بين الجَدليين، ولأصحابِ الشافعيِّ كَرَّم الله وجْهَهُ فيهِ قولان:
أحدهما: يصح، وهو قولُ أهْل الظاهرِ.
والثاني: لا يصحُّ. وهوالأصحُّ عند الأئمَّةِ منهم الذين رأيْناهُم واستَفَدْنا مِنْهُم.
وجْهُ المذهبِ الأول: أنَ الإجماعَ انعقد في مسألةٍ على صِفةٍ، والخلافُ وَقَعَ في مسألةٍ على غيرِ تلك الصفةِ.
وذلك أنَ الإجماعَ انعقد على صحةِ الصلاةِ قَبْلَ رؤيةِ الماءِ، والخلافُ حصل في مسألة أخرى وهي صحَةُ الصلاةِ وفسادُها بعد رؤيةِ الماءِ، وانعقادُ الإجماعِ على مسألةٍ لا يكونُ إجماعاً على مسألةٍ أخرى.
فإِن قيل: يَلْزَمُ عليه استصحابُ حالِ العَقْلِ، لأنَّ الأصْلَ بقاءُ الطهارةِ قَبْلَ حدوثِ الشك، فأمَّا مع حدوثِ الشك، فلا.
قيل: لا فَرْقَ بَيْنَهما، لأنَّا لانَتْرُكُ اليقينَ فيهما من غَيْر دليلٍ ناقلٍ، وحدوثُ الشكِّ ليس بدليلٍ، وكذلك رؤيةُ الماءِ المجرَّدةُ.
وقَوْلُهُ: أنْتِ حرام. بمُجَرَّدِهِ ليس بدليلٍ، فأن دلَّ دليل آخَرُ أنَّ رُؤيةَ الماءِ تُفْسدُ الصلاةَ، و "حرام" يقطعُ النكاح، انتقلنا عن الأصْلِ، وإن لم يدل دليل وشَكَكْنا، تَرَكْناهُما على حالةِ الأصْلِ، فأمَّا أن يُجْعَلَ الإِجماع على ما قَبْلَ رؤيةِ الماءِ إجْماعاً على حالةِ رؤيةِ الماءِ بَعْدَها، فلا يتمُّ ذلك. ولو دلَّنا دليل على أنكم إذا شكَكْتُم في الحَدَثِ وجَبَ عليكم الوُضوء، لَتَرَكْنا الأصْلَ للدليلِ.