للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وإن طلعَ الماءُ عليه اعْتِداداً بالِإجماعِ على الشُّروعِ فيها، وتمسكاَ به، وتركَ الاحتفالِ (١) بما تَجددَ مِنَ القُدُرةِ على الماءِ الطَّالعِ، وإهمالَ الخلافِ الواقعِ، وأَمثالُ هذه المسألةِ من الفِقْهيّاتِ، فهذا ليس بتمسكِ صحيحِ ولا نافعِ لمن تَمسكَ به، لأن المعُوَّلَ عليه في هذا ليس بتمسك بأصلِ باقِ (٢)، بخلافِ التمسكِ ببراءةِ الذمةِ في مسألةِ كفارةِ قتل العمْدِ، والزيادةِ على ثُلْثِ الديةِ في قتلِ الكتابى خطأً، وإِنما كان التمسُكُ بهذا غير جائزٍ ولا صحيحِ؛ لأَن التمسك ها هنا إنما هو بما كان إِجماعاً، فالحالتانِ قد افْترقَتا؛ إِذ كانت الحالةُ الأُولى حالةَ إجماع، والحالةُ الثانيةُ حالةَ خلافِ، ومُحالٌ بقاءُ حُكم الِإجماع مع طَرَآنِ (٣) الخلافِ، وكيف يكونُ ذلك وسُلطانُ الِإجماعِ عدمُ التَّسويغِ؟ وتجددُ الخلافِ موجِب للتَسويغِ، فيُفضي إِلى أَن يكونَ ما اتفُقوا عليه هو نفسَ ما اخْتلفوا فيه، وهذا مُحالٌ، فانقطعَ الِإجماعُ الأَولُ عن الخلافِ الثاني؛ لأَن الأَولَ إِجماعٌ على الدخولِ بالتيممِ مع عَدمِ الماءِ، والخلافُ المُجدد هو المُضِيُّ والاسْتِدامةُ في صلاةٍ بتيممٍ مع وجودِ الماءِ.


(١) رسمت في الأصل: "الاحتفال"، ولعل الجادة ما أثبت. والاحتفال بالشيء أو بالأمر: المبالاة والاهتمام والاعتناء به.
(٢) في الأصل: "باقي".
(٣) طرأَ يَطرأ: ورد، وحصل فجاة. "اللسان": (طرأ).

<<  <  ج: ص:  >  >>