للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

في مالهِ، وهما نَظِيرا زكاةِ رُبْعِ العُشْرِ، ولا تستدعي نفيَ رُبْعِ العُشرِ فهذا سؤالٌ حسنٌ صحيحٌ.

ومثالُ الفاسدِ: أن يُعَلِّل حنبليٌّ أو شافعيٌ في تحريمِ النَّبيذِ: بأن فيه شِدَّةً مُطرِبة، فكان مُحرماً، كالخمرِ. فيقول المُعارِضُ: لو كانت هذه عِلةَ التحريمِ، لكانت عِلَّةً في التفسيقِ.

وكذلك إذا عَلَّلَ في المضمضةِ والاستنشاقِ: بأنهما لا يَجبانِ في الوضوء، فلا يجبان في الجنابةِ. فيقول: لوكان ذلك عِلَّةً للمضَمضةِ، لكان عِلَّةً لِمَا تحتَ اللِّحْيةِ.

وإنما كان كذلك؛ لأن التفسيقَ أَبطَأُ من التَّحريمِ، والتحريمَ أسرعُ من التفسيقِ؛ لأن لنا محرماتٍ لا تُفَسِّقُ، ولأن مسائلَ الاجتهادِ لا يُفسَّقُ بها، وباطنُ اللِّحْيةِ مُستتر بحائل ليس من أصلِ الخِلْقةِ.

فهذا وجهُ فسادِهِ عند مَن يقولُ: بأن العِلَّةَ إذا لم تَستدعِ أحكامَها كانت فاسدةً.

فأمَّا مَن يَرى: أن سؤالَ العِلَة لا تستدعي أحكامَها (١). ليس بسؤال لازم، يَعتل في فسادِ السؤالِ الأولِ والثاني: بأنه لا يَمتنعُ أن تكونَ العِلةُ عِلَّةً في أحدِ الموضعين دون الأخير، فلا يُعترَضُ بذلك.

ومنها (٢): أن يقولَ: أَخَذْتُ حكمَ الأسبق من الُمتأَخرِ، كقول أصحابِ أبي حنيفةَ في الاعتراضِ على أصحابنا وأصحابِ الشافعي حيث قاسوا الوضوءَ على التيمم في إيجابِ النية، فقالوا: إن فَرْضَ الماءِ نَزَلَ قبل


(١) في الأصل: "أحكاما".
(٢) أي: من الأسئلة الفاسدة.

<<  <  ج: ص:  >  >>