الذي لا يجوزُ على القديمِ بحالٍ، وهو الذي ذكرهُ اللهُ عن خليلهِ إبراهيم ورضيهُ له دليلاً على حدَثِ النجوم، حيثُ استدل بالُأفولِ بعد الطلوع، فأشعرَ ذلك عن الله سبحانه أنهُ لا بهذه الأوصافِ حيثُ قال:{إِنِّي وَجَّهْتُ وَجْهِيَ لِلَّذِي فَطَرَ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضَ}[الأنعام: ٧٩] بعد أن قال في حق المغيراتِ: {لَا أُحِبُّ الْآفِلِينَ}[الأنعام: ٧٦]، فدل على أنهُ إنما صرفَ الصناعةَ والإلهيةَ إلى مَن ليسَ على هذهِ الحالِ، وهو التغيرُ والزوالُ.
فلمّا عدلوا عن حقيقةِ الاستواءِ في الأجسامِ، انقسموا فيما صرفوهُ إليه فقال قومٌ: يعنى قصدَ إلى السماءِ وهي دُخانٌ، يعني بخارَ الماءِ، وقولُه:{ثُمَّ اسْتَوَى عَلَى الْعَرْشِ}[الأعراف: ٥٤]: استولى على الملك.
وقال قومٌ بعد صرفهِ عن الوجهِ الأولِ: لا ندري ما معناهُ في حقِ. الله تعظيماً لأمرِ الله وشأنهِ عن التأويلِ، خوفاً من مزلةِ قدمٍ، كما نزهوُه عن التشبيهِ، ولهم في ذلك أئمة من السلفِ كأبي بكرٍ الصديقِ وعمرَ بن الخطاب، هذا يقول عندَ سؤالهِ عن الكلالةِ: أي سماءٍ تظلني وأي أرض تقلُّنيَ إذا قلتُ في كتابِ الله برأي (١)، وتأويلُ الكلالةِ غايتهُ
(١) يظهرُ أن ابن عقيل قد دمجَ بينَ أثرين وردا عن أبي بكر رضي الله عنه، من غيرِ مراعاةٍ للموضع الذي ورد فيه الأثر، ذلك أن قولَه: "أيُّ سماءٍ تظلني، وأي أرض تُقلني" لم يرد في تفسيرِه لمعنى الكلالة، بل الذي وردَ في الكلالةِ منسوباً إلى أبي بكر يفيدُ مشروعيه التفسير بالرأي، وذلك ما حدَّث به الشَّعبي قال: سئل أبو بكر رضي الله عنه عن الكلالة، فقال: إني سأقولُ فيها برأيي، فإن يكُ صواباً فمن الله، وإن يك خطأ، فمني ومن الشيطان، أراه ما خلا الولدَ والوالدَ. فلما استُخلفَ عمرُ رضي الله عنه، قال: إني لأستحي الله، أن أرد شيثأ قاله أبو بكر. =