للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

إنَّما هو نقيضُ النهي عنهُ، وهو اقتضاءُ الفعلِ بالقولِ من الأعلى للأدنى، وُيشْتَقُّ منه اسمُ أمرٍ، ولا يُشتقُ من القيام والقعودِ اسمُ أمرٍ، ولا مِن شيء من الأفعال، فوجبَ أن يكونَ تسمية الحال والشأنِ أمراً واقعاً عليه مجازاً، واتساعاً لا حقيقةً، ومنهُ قولُه تعالى: {وَمَا أَمْرُ فِرْعَوْنَ بِرَشِيدٍ} [هود: ٩٧] وقوله: {حَتَّى إِذَا جَاءَ أَمْرُنَا} [هود: ٤٠] وكيف أمَرُ فلانٍ؟ يعنونَ حاله.

والثالثُ: افتراقُهما في الجمعِ، فيقالُ لجمع الأمرِ الذي هو الشأنُ والحالُ: أمورٌ، ويُقال في جمع الأمرِ الذي نقيضُ النهي: أوامرُ، فيقال في الحال أو الشأنِ: كيفَ أُمُور فلان؟ ولا يقال: كيف أوامرهُ؟ فيقال: صالحةٌ. ويقال في أمرِ الاقتضاءِ: كيف أوامرهُ؟ فيقال: سديدةٌ حازمةٌ.

والرابعُ: أن يكونَ ما جرى عليهِ الاسمُ حقيقةً، يتعلقُ بغيرِه وما يجري مجرى العزْلَةِ، كالعلمِ والقدرةِ، والأمرِ الذي لكلِّ شيء منه تَعلُّقٌ بمعلومٍ ومقدور ومأمورٍ به، وذلك اتفاق، فإذا سمَّى ما لا تعلقَ له، بأنَّه علمٌ وقدرةٌ وأمرٌ كان ذلك مجازاً، ومنهُ قولُهم في الأمرِ العجيبِ الخارقِ للعاده، كالمطرِ والجرادِ والرياحِ العاصفةِ والزلازل: هذا مِن [أمرِ] اللهِ وعلمِ اللهِ وقدرةِ الله، وإنَما يعنونَ به معلومَهُ ومقدورَه ومأمورَه وفعلَه.

<<  <  ج: ص:  >  >>