ومن ذلك أن قالوا: إنَّ القياسَ إنما يُعْلَمُ بأن يَأذنُوا فيه، أو يضعوه على المعنى، فإذا لمُ ينقلْ عنهم إذنٌ، ولا وضع على المعنى، بل على مخالفةِ المعنى، بطل تجويزُ إثباتِ الأسماءِ بالقياسِ، كما أن صاحبَ الشريعة إذا أخْرَجَ الحُكْمَ مَخْرجَ التعليلِ، أو أذِنَ في القياسِ سَاغَ القياسُ، ومع إخراج الحُكْمِ على غيرِ المعنى، وعدم إذنه، لا يجوزُ القياسُ لإِثباتِ الأحكام.
ومن ذلك أن قالوا: لو جازَ أثباتُ الأسماءِ المشتقةِ بالقياسِ، لجازَ إثباتُ أسماءِ الألقابِ بالقياسِ، ولَمَّا لم يَجُزْ إثباتُ تلكَ قياساً، كذلك هذه.
ومِن ذلك ما عَيَّنُوه في الأسماءِ التي قَصَدَها أصحابُنا بقياسِ الأسماءِ، مثلُ تسميةِ النبيذِ خمراً، والنَّبَّاشِ سارقاً، واللائطِ زانياً، فقالوا: رأيناهم سَموا بعضَ ما حَدَثَتْ فيه الحموضةُ خَلاً، وإْنْ كان مادتُهما واحدةً، كماءِ الحِصْرِمِ مع خل الزبيب والعِنب، فلا يُستدل من تسميتهِم المُشْتَد من عصيرِ العنب خمراً، عَلى تسمَيةِ المُشْتَد من نقيعِ أو طبيخِ التمرِ المُشْتَدِّ خمراً، لأنه يكونُ خروجاً عن وضعهم.
ومن ذلك أنْ قالوا: لا يخلو أن يكونوا وضعوا الأسماءَ لأفادةِ المعنى، فما وضعوهُ إن كانوا قد وضعوا للبعضِ ذلك الاسمَ، فيجبُ أن لا نُجريَ ذلك الاسمَ على غيرهِ، لأنَهم وضعوُه للإفادةِ، والفرقُ إفادة لصفتِه في ذاتِه خاصةً، وللفرقِ بينه وبين غيرِهِ، أو يكونوا إنما أجروهُ إجْرأءً على كلِّ محل قامَ به ذلك الوصفُ، فيكون ذلك وصفاً مُطَّرداً لا يدخلُ عليه نقص بإجرائِه على كلُّ ما فيه تلك الصفةِ، فيكون ذلك منهم كالتوقيف، ولنا على إلحاقِ الاسم بكل ما فيه ذلك الوصفُ، فلايبقى للقياسِ