للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

ولو ما تضمنته الفاتحةُ، وهي ركن لا بُدَّ منها، والتشهُّدُ الأخيرُ ركن، وما خلا من دعاءٍ واجبٍ أو ركنٍ، وأمًا الأدعيةُ المسنونةُ والمندوبةُ فكثيرة، ويكفي أن يكونَ فيها دعاء، فتُسمّى به لا لأجلِ الأفعالِ، وما ذلك إلا بمثابةِ الصوم الذي سُميَ به الإِمساكُ عن الأكلِ والشرب والجماع لا لأجلِ النَيةِ، وَالحجُ سُميَ بالقصدِ، ولا ينفكُ الحجُّ من قَصدٍ، لأنه عِدَةُ مناسكَ في أمكنةٍ مختلفةٍ، لا بُدَّ من المضيِّ اليها، والقصدِ نحوها، إذا كان في غيرِها، فَالآفاقي تقْصِدُ مِن دُويرةِ أهلهِ إلى ميقاتِه، ثُمَّ مِن الميقاتِ إلى موقفِ عرفةَ، ثم مِن عرفةَ إلى المزدلفةِ، ثم إلى منى، ثم الى الكعبةِ، ثم السعي بَيْنَ الصفا والمروةِ، ثم العَوْد الى منى، للبيتوتةِ والرمي، وهذه كُلها قُصودٌ، ويندرجُ في إثباتِها الأذكارُ والتروك والتجنباتُ التي وَقَعَ عليه لأجلِها إحراماً، والاعتكافُ ملازمةُ مكانٍ مخصوصٍ بنيةٍ، والايمانُ اعتقاد وتصديق، يستتبعُ أعلاماً ودلائلَ عليه تظهرُ على الأركانِ، ولذلك قال: "بُنِيَ الِإسلامُ على خمسٍ" (١) وذَكَرَ الأقوالَ والأفعالَ، ولو كانت مِن ذاتِ الإِيمانِ لم تكنْ مَبْنيةً عليهِ؛ لأنَّ الشيءَ لايُبْنَى على نفسِه.

قالوا: ولو سلَّمنا لكم أن الأعمالَ نفسَها تُسمى صلاةً، لم تكنْ لكم فيه حجةٌ، لأنها لا تخرجُ عن وضعِ اللغةِ، وذلك أن هذه الأفعالَ متبعٌ بها فعلَ الإمامِ ومُقْتَفٍ بها على أثرهِ، والتالي للسابقِ يُسمى في


(١) أخرجه من حديث عبد الله بن عمر:
البخاري (٨)، ومسلم (١٦)، وأحمد ٢/ ٢٦ و ٩٣ و ١٢٠ و ١٤٣، والحميدي (٧٠٣)، والترمذي (٢٦٠٩)، والنسائي ٨/ ١٠٧ وابن حبان (١٥٨) و (١٤٤٦).

<<  <  ج: ص:  >  >>