للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

المخصوصةُ والأقوالُ، ولا تكونُ الصلاةُ هي الدعاءَ، مع تسميةِ صاحبِ الشريعةِ للأفعالِ صلاةً.

وقولُهم: ما الذي أحوجَنا إلى حَمْلِ الإيمانِ على الصلاةِ؟ فلأنَّ القومَ أظهروا التأسفَ على من ماتَ من أقاربِهم قبلَ النسْخِ، وقد كان صلى إلى بيتِ المقدسِ (١)، وما كان الموتى تركوا الإيمانَ والتصديقَ حتى يتأسَّفوا عليهِ، فترجعَ التسليةُ بنفي الإضاعةِ اليه، بل يندموا على نفي الصلاةِ، فعاد قولُه سبحانه: {وَمَا كَانَ اللَّهُ لِيُضِيعَ إِيمَانَكُمْ} [البقرة: ١٤٣] إليها دون التصديقِ.

وقولُهم: إن خبرَ شُعب الإيمانِ خبرُ واحدٍ، ونحنُ في أصل عظيم لا يثبتُ بمثلهِ. لا يَصِح، لأَنَّ الأمةَ تلقته بالقَبولِ، فصار كخبرٍ متواترٍ، وأصولُ الفقهِ ليس يُطلبُ لها قواطعُ الأدلةِ، ولا حكمُها حكمُ أصولِ الدينِ، ولذلك لا يفسقُ ولا يكفرُ مخالفُنا فيها، ولأنَّ خبرَ الواحدِ من الأصولِ الذي صَلَح للقضاءِ على أصلٍ ثَبَتَ بدليلِ العقلِ، وهو براءةُ الذِّمَمِ من الحقوقِ، فجاءت البيناتُ وهي آحادٌ، وأخبارُ الديانات (٢)


(١) ورد ذلك من حديث ابن عباس، قال: لما وُجّهَ النبي صلى الله عليه وسلم إلى الكعبة، قالوا: كيفَ بمن ماتَ من إخواننا وهم يصلّون نحوَ بيتِ المقدس؟ فأنزلَ الله جلَّ وعلا: {وَمَا كَانَ اللَّهُ لِيُضِيعَ إِيمَانَكُمْ} [البقرة: ١٤٣].
أخرجه أحمد ١/ ٢٩٥ و ٣٠٤ و ٣٤٧، والترمذي (٢٩٦٤)، وأبو داود (٤٦٨٠)، وابنُ حبان (١٧١٧). وله شاهد يتقوى به، من حديث البراء، قال: مات على القبلة قبل أن تُحوَّل رجالٌ قتلوا، فلم ندرِ ما نقول فيهم، فأنزل الله تعالى: {وَمَا كَانَ اللَّهُ لِيُضِيعَ إِيمَانَكُمْ} أخرجه البُخارى (٤٠) والطيالسي (٧٢٢).
(٢) كذ في الأصل، ولعلها: "الديات".

<<  <  ج: ص:  >  >>