للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

للّه لُؤْلُؤُ ألْفَاظٍ تُسَاقطُها … لو كُن للغِيْدِ ما اسْتَأنَسْنَ بالعَطَلِ

ومن عُيُون مَعَانٍ لو كُحِلْنَ بها … نُجْلُ العُيُون لأغْنَاهَا عن الكَحَلِ

سِحْرٌ من اللَّفْظِ (a) لو دَارَتْ سُلَافتُه … على الزَّمانِ تَمَشَّي مَشْيَةَ الثَّمِلِ

فمَنْ هذا خطابُهُ لهُ، وذِكْرهُ لِمَا قيل فيهما، كيف يَصِحّ عنه أنَّهُ يُواجهه بهذا الكَلَام الفَاحِش الخارج عن حُسْن الآدَاب، المُجانِب لصِحَّة القَوْل والصَّوَاب؟!.

أخْبَرَنا عَبْدُ اللّه بن أبي عليّ الأنْصَاريّ، عن أحْمَد بن مُحَمَّد بن أحْمَد الحافِظ، قال: ذَكَرَ - يعني أبا الفَضْل هِبَة اللّه بن المُثَنَّى بن إبْراهيم الهِيْتِيَّ - أنَّهُ دَخَلَ المَعَرَّة، وكان أبو العَلَاء يَعِيشُ فيها، فنَهَاه أبو صالح بن شِهَاب عن الدُّخُول عليه.

قُلتُ: وهذا أبو صالح هو أبو صالح مُحَمَّد بن المُهَذَّب بن عليّ بن المُهَذَّب بن أبى حَامِد بن هَمَّام بن أبي شِهَابٍ، وكان ابن عَمَّة أبي العَلَاء، وهو الّذي كَتَبَ الأبْيَات النُّونيَّة إلى أبي الهَيْثَم أخي أبي العَلَاء حين احْتَجَب أبو العَلَاء ومَنَعَ النَّاس من الدُّخُول عليه، وأوَّلُها (١): [من الطويل]

بشَمْس زَرُودٍ لا ببَدْرِ مَعَانِ

وقد ذَكَرْناها، وفيها من المَدْح والتَّقْرِيْظ لأبي العَلَاء، والتَّحيُّل في الدُّخُول عليه، ما هو وَاضحٌ، فكيفَ يمنَعُ النَّاس من الدُّخُول عليه ويَنْهاهُم عنه؟ اللَّهُمَّ إلَّا إنْ كان ذلك وقَعَ في الوَقْت الّذي قَدِمَ أبو العَلَاء من بَغْدَاد، وعَزمَ على العُزْلَة عن النَّاس، وكَتَبَ إلى أهل المَعَرَّة ما كَتَب، وأرادَ أبو الفَضْل الهِيْتِيُّ الدُّخُول عليه، فنَهاهُ أبو صالح عن ذلك مَخَافة أنْ يَمْضي فيَتَعذَّر عليه فيكون كما قال في


(a) يتيمة الدهر والتذكرة الحمدونية: الفكر.

<<  <  ج: ص:  >  >>