للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

رسالته: فأكون قد جَمَعْتُ بن سَمْجَيْن: سُوء الأدَب، وسُوء القَطِيْعَة.

ذَكَرَ ابنُ السِّيْد البَطَلْيَوْسِيّ في شَرْحَ سَقْط الزَّنْد لأبي العَلَاء (١)، قال: وكان المَعَرِّيّ مُتَدَيِّنًا، كَثِيْر الصِّيَام والصَّدَقَة، يُسْمَعُ له باللَّيْل هَيْنَمَةٌ لا تُفْهَم، وكان لا يَقْرع أحدٌ عليه البابَ حتَّى تطْلعُ الشَّمْس، فإذا سَمِعَ قَرْعَ البابِ عَلِم أنَّ الشَّمْس قد طَلَعَتْ، فقَطَعَ تلك الهَيْنَمَةَ وأذِنَ في الدُّخُول عليه، وكان لا يَرى أكْل اللَّحْم، ولا شُرْبَ المُسْكِر، ولا النِّكَاحَ، وكان ذا عِفَّةٍ ونَزَاهةِ نَفْسٍ، إلَّا أنَّهُ كان مُخالِفًا لِمَا عليه أهْل السُّنَّة.

وقَوْل ابن السِّيْد أنَّهُ كان مُخالِفًا لِمَا عليه أهل السُّنَّة! لا أعْلَم بأيّ طَريق وَقَعَت المُخَالَفة، وقد وَصَفه بهذه الصِّفَات المَحْمُودَة، وقد كان شَافِعيّ المَذْهب من أهل السُّنَّة والجَمَاعَة.

وقَرأتُ بخَطِّ الحافِظ أبي طَاهِر السِّلَفِيّ في تَعْلِيقٍ له: سَمِعْتُهُ يقُول - يعني حَامِد بن بَخْتِيار بن جَرْوَان الشَّمْسَانِيّ - سَمِعْتُ عَبْد المُنْعِم يقول: يعنى عَبْد المُنْعِم بن أحْمَد بن أبي الرُّوْس السَّرُوجِيّ - سَمِعْتُ أخي - يعني أبا الفَتْح - يقول: دَخَلَ رَجُلٌ من أهْلِ السَّاحِل على الشَّيْخ أبي العَلَاء التَّنُوخِيّ بالمَعَرَّهَ ونحنُ عنده، وكان يَعْرفهُ، فقال له: أُريد أنْ يُملي سَيِّدنا عليَّ شَيئًا من غَرِيْب القُرآن، فقال يا هذا، من أين وصَل إليَّ غَريْب القُرْآن وأنا ها هُنا في زَاوِيَة البَيْت؟! فلمَّا خَرَجَ، قال لنا: مَضَى فُلَان؟ فقُلنا: نَعم، فقَال: ضَعُوا ما في أيْديكُم من الكَرَارِيْس وخذُوا سِوَاها ففَعَلْنا، فقال: اكتُبوا غَرِيْب القُرآن، فأمْلَى علينا غَرِيْب القُرآن والكَلَام عليه ثلاثة أسابيع من صَدْره، فقُلنا له بعد ذلك: العِلْم لا يَحلّ مَنْعُه وقد مَنَعْت ذلك الرَّجُل السَّاحِلِيّ، فقال: ما كُنت لأُضِيْع الحِكْمَة مع رَجُل يَسُبّ أصْحَابَ رسُول اللّه صَلَّى اللّهُ عليه وسلَّم ويتنقَّصُهم.


(١) لم أقف عليه في شرح البطليوسي لسقط الزند المنشور مع شرحي التبريزي والخوارزمي.

<<  <  ج: ص:  >  >>