للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

بُعِثْتُ رَسُولًا (a) إلى صالح … وذاكَ من القَوْم رَأْيُ فَسَدْ

فيَسْمَعُ منِّي هَدِيْلَ (b) الحَمَام … وأسْمَعُ منهُ زَئيْرَ الأسَدْ

فلا يُعْجبنِّي هذا النِّفَاقُ … فكَمْ مِحْنَةٍ نَفَّقَتْ ما كَسَدْ

وقرأتُ هذه الحِكايَة في تاريخ أبي غَالِب هَمَّام بن المُهَذَّب المَعَرِّيّ (١)، وذَكَرَ أنَّ اجْتِمَاع أبي العَلَاء بصالح كان بِظَاهِر مَعَرَّة النُّعْمَان، قال: سنَة سَبعْ عَشْرة وأرْبَعمائة فيها: صَاحَت امرأةُ في الجَامع يَوْم الجُمُعَة، وذكرَتْ أنَّ صاحبَ المَاخُور أرادَ أَنْ يَغْصِبَهَا نفسَها، فنَفَرِ كُلُّ مَنْ في الجَامع إلَّا القَاضِي والمَشَايخ، وهَدَمُوا المَاخُور، وأخَذُوا خشَبَهُ ونهبُوهُ، وكان أسَدُ الدَّوْلةَ صالح في نَوَاحِي صَيْدَا.

ثم قال: سنَة ثماني عَشْرة وأرْبَعِمائة فيها: وصَل الأميرُ أسَدُ الدَّولَة صالِح بن مِرْدَاسٍ إلى حَلَبَ، وأمَرَ بِاعْتِقَال مَشَايخ المَعَرَّة وأمَاثِلها، فاعْتُقِلَ سبْعُونَ رجُلًا في مَجْلِسِ الحِصْن سَبْعِين يوْمًا، وذلك بعد عيْدِ الفِطْر بأيَّام، وكان أسَدُ الدَّوْلَة غير مُؤثر لذلك، وإنَّما غَلَبَ تَاذَرُس (٢) على رأيهِ، وكان يُوهمُهُ أنَّهُ يُقيم عليهم الهَيْبَة، ولقد بلغَنا أنّهُ خاطَبَهُ في ذلك فقال له: أَقْتُلُ المُهَذَّب أو أبا المَجْد بسبَب مَاخُور؟ ما أفْعَل. وقد بَلَغَني أنَّهُ دُعِي لهم في آمِد ومَيَّافَارقِين، وقِطَعَ عليهم ألف دِيْنارٍ، واسْتَدْعي الشَّيْخ أبا العَلَاء بن عبدِ الله بن سُلَيمان، رحِمَهُ اللهُ، بِظَاهِر مَعَرَّة النُّعْمَان، فلمَّا حصَل عندَه في المَجْلِسِ، قال له الشَّيْخُ أبو العَلَاء: مَوْلَانا السَّيِّد الأجَلّ، أسَدُ الدَّوْلَة ومُقَدَّمُها ونَاصِحها، كالنَّهَارِ المَاتِع، اشْتَدَّ هجيرُهُ وطابَ أبْرَدَاهُ، وكالسَّيْف القاطع، لانَ صفْحُه وخَشُنَ حَدَّاهُ، {خُذِ الْعَفْوَ وَأْمُرْ


(a) في اللزوميات وشرحها وزبدة الحلب: شفيعًا.
(b) في اللزوميات وشرحها وزبدة الحلب: سجع.

<<  <  ج: ص:  >  >>