للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

بعِيْسٍ تُقَضِي الدَّهْر جَرْيًا (a) كأنَّها … مُفَتِّشةٌ أحْشَاءَه عن كِرامهِ

تذكَّرْنَ من ماءِ العَوَاصِم شَرْبةً … وزُرْقُ العَوَالي دونَ زُرْق جِمَامِهِ

فلَو نطَقَ الماءُ النَّميرُ مُسَلَّمًا … عليهنَّ لَم يَرْدُدْنَ رَجْعَ سَلامِهِ

ومُلْتَثم بالغَلْفَق الجَعْدِ عَرَّسَتْ … عليهِ فَلَم تَكْشِفْ خَفِيَّ لثَامِهِ

وكم بينَ ريفِ الشَّام والكَرْخ منْهَلًا … مَوارِدُهُ مَمْزُوجَةٌ بسِمَامهِ

وأنْشَدنا الحَسَن بن عَمْرو، قال: أنشَدَنا أبو الفَضْل الخَطِيبُ، قال: أنشَدنا أبو زَكَرِيَّاء التَّبْرِيْزِيّ في كتابهِ، قال: أنْشَدَنَا أبو العَلاءِ المَعَرَّيُّ (١) لنَفْسِه، وقَالَها وهو ببَغْدَاد:

طَربْنَ لضَوْءِ البارقِ المُتَعالِي … ببَغْدَاد وَهْنًا ما لَهُنَّ ومَا لِي

سمَتْ نحوَهُ الأبْصَارُ حتَّى كأنَّها … بنَارَيْهِ من هَنَّا وثَمَّ صَوَالِ

إذا طالَ عنها سرّهَا لو رُؤْوسُها … تُمَدُّ إليهِ في صُدُور (b) عَوَالِ

تَمنَّتْ قُوَيْقًا والصَّرَاةُ حِيَالَها … تُرَابً لها مِن أَيْنْقٍ وجِمَالِ

إذا لاحَ إيْماضٌ سَتَرْتُ وُجُوهَها … كأنَّيَ عَمْرٌو والمَطِيُّ سعَالِ

وكَم هو نِضْوٌ أن يَطيرَ مع الصَّبَا … إلى الشَّام لولا حَبْسَه بعقَالِ

أنْشَدَني أبو نَصْر مُحمَّدُ بن مُحمَّد بن إبرَاهِيم بن الخَضِر الحَلَبِيُّ لنَفِسه بدِمَشْق (٢): [من السريع]

مَا بَرَدَى عندي ولا دِجْلَهٌ … ولا مَجاري النَّيْل في مِصْرِ


(a) سقط الزند: تجوب الدهر جونًا.
(b) سقط الزند: رؤوس.

<<  <  ج: ص:  >  >>