للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

الفعلِ بغيرِ تعيين أحدٍ بعينه، وإن كُنّا نعلمُ أنَ كُلَّ ضربٍ يُفعل في شخص، فإنَّه غيرُ الضرب المفعولِ في غيرهِ، أو ما من سبيله أن يُفْعَل في غيره، وإن لم يَرد لفظُ التخييرِ بأن يقال له: اضرب من شئتَ، وهذا بيِّنٌ في سقوط ما اعتمدوا عليه.

قال: فأمَّا قولُهم إِنً الِإجماعَ قد حصل على أنَّ تقديمَ فعلهِ مصلحةٌ، وأدَاءَ الواجبِ تبرأ به الذِّمةُ، وأنَّ ذلك دليلٌ على أنَّ ما يقعُ بعدَ ذلكَ ليس بواجبِ ولا مصلحةٍ، فإنَّه قول ظاهرُ البطلانِ، لأنه ليسِ في الِإجماعِ على أنَّ تقديمه مصلحة وأداءٌ للواجب، دليلٌ على أنَّ فعلَ مثلِه وتأخيره ليس بواجبٍ ولا مصلحةٍ، وهذا هو الذي يحتاجون إليه، ولا إجماعَ فيه، فيسقط ما قالوه.

وممَا استدلَّ به القائلونَ بالفور: قالوا: لو كان على التَراخي، لم يَخْلُ من أحدِ أمرين إما أنْ يكونَ له تأخيرُ الفعلِ إلى غايةٍ معلومة.

أو إلى غير غايةٍ.

فإن كان إلى غايةٍ محدودةٍ، فذلكَ يوجبُ توقيته، وأن يكون كالصلاةِ الموسَعِ وقتُها بوقتٍ مصروفٍ، وذلكَ خلافُ القولِ بالتراخي، وأنه لا وقتَ يشار إليه.

فيقال: إن إطلاقَ الأمر يقتضي توقيتَه به، وألا تمكن الزيادةُ عليه والنقصان منه، فبطل القولُ بذلك، وإن كان له تأخيرهُ أبداً إلى أن يموتَ بغيرِ توقيتٍ، فلا وقتَ إلا وله تركُ الفعلِ فيه، وهذا يوجب ضُروباً من المحال:

<<  <  ج: ص:  >  >>