للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

أحدها: أن يكونَ الفعلُ نفلاً، وخلافُنا في كل أمرٍ واجب، إمّا بصيغته، وإمّا بدليله، وإما بإطلاقه، وما أخرَجَ الواجب عن كونِه واجباً باطلٌ باتفاقٍ، وليس للندبِ صفة يختص بها، إلا أنَ له فعلَه مع الثوابِ عليه، وله تركُه، فإذا كان هذا صفةَ الواجب على التراخى، وجبَ أن يكونَ نفلَاَ، وذلك باطلٌ.

والوجهُ الآخر: أنَ كثيراً ممن قال بالتراخي، يجعلُ المكلفَ بموتهِ قبل إيقاع فعله آثماً حَرِجاً، وذلك باطل، لأنَه تركه عندهم مع أنَ له تركَه، فلم يجبْ تأثيمهُ.

والوجهُ الآخر: أنَه يوجب أن يكونَ اللهُ سبحانهَ قد فرضَ فرضاً معلومَ العين، مخصوصاً في زمنٍ مجهول الآخر، لا نعرفُ غايتَه، وذلكَ بمثابةِ تكليفِ المحالِ وما لا يطاق، وإذا قيل ذلك بَطَل القول بالتراخي، وصحَ أنه على الفور.

فاعترض من قال بالتراخي فقال: جميعُ ما ذكرتموه باطلٌ، سوى قولِكم: إنَّه إن مات الى المكلّف قبل فعله غير آثم، وقولكم: إنه لا يجوز أن يكون التراخي إلى غاية مُحدّدة، فصحيح لأنه لا حد له، ولا نهايةَ يشارُ إليهما، وإنْ ماتَ قبل امتثِاله فهو عندنا غير آثم، ويخطىءُ من قال: إني أتبيّن بموته أنه كان مفَرطاً.

وأمّا قولُكم: إنَه لو كانَ له فعلهُ في كل وقتٍ، وله تركُه إلى أن يموتَ للَحِقَ بالنفلِ، فإنَه باطل؛ لأنَ النفلَ لم يكن نفلًا لأنَه يحل تركهُ، لأن المباحَ له تركهُ، وليسَ بنفلٍ، ولا كانَ أيضاً نفلًا، لأن فعله خيرٌ من تركهِ، مع تحليل تركه، لأن الواجب الموسَّعَ والساقطَ إلى

<<  <  ج: ص:  >  >>