للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

ولو قال قائل: سنذبحُ بقرةً. لمَا ذُمّ بتأخُرِها، ولأنَا لا نعلمُ المصلحةَ في تعجيلِ الوعد، بل قد يكونُ التأخيرُ هو الأصلحَ، وبالإِجماعِ أن التعجيلَ مصلحة، وما بعده من الأوقاتِ لا يؤمَنُ أن يكونَ مَفْسَدةً.

وأما التعلقُ بالأيمانِ فلا حُجةَ فيه، لأنَ الأيمانَ من قبيل العِدة، وقد تكلمنا عليها على أنها محمولة على العرفِ، فهي مقيدة به أبداً، ولذلكَ تقيدت الرؤوسُ فيها بالمأكول عُرفاً، وكذلكَ اللبسُ والركوبُ وقف على الملبوسِ والمركوبِ عُرْفاً.

فأمَّا الأعيانُ، فلا تتخصَّص على ما قدمنا، والوقتُ الذي يلي الأمرَ يتخصّصُ بما ذكرنا من كونِه صالحاً وغيرَ مفسدةٍ، وإن افتعلَ فيه امتثالٌ وقربةٌ، وليس في بقيةِ الأوقاتِ ما هو [صالح] إلا بتردّد، بخلاف الأعيان، فإنه لا ذبيحةَ تختصُ بمثلِ ذلكَ دونَ ذبيحةٍ أخرى، ولأنه لا عينَ يعدلُ غيره إلى غيرها فيعد متوانياً، أو تاركاً، أو متغافِلًا، بخلافِ الوقت الأوَّلِ، لأنَه تخلى عن الفعل بالتراخي، ولأنَه يجبُ فيه الاعتقادُ والعزمُ، ولا عينَ يتعلّق بها حكمَ سوى التي يذبحها ويعتقُها.

فإن قيل: فتخصيصُ الوقتِ الأولِ بما ذكرتم يعطي أنَ بالقرينةِ الدالّةِ على تخصص الوقت ذهبتم إلى الفور، ونحن لا نمنعُ الفورَ بقرينةٍ، وهذا ترك لنصرةِ المسألةِ، لأنَا نتكلمُ في الأمرِ المطلق.

قيل: تخصصُ الوقتِ الأولِ بهذه الخصائصِ ليسَ بقرينةٍ، لكن شريطة، ولو جاز أن يدعى قرينةً، لكان اعتبارُ الرتبةِ للأمرِ قرينةً، ومعلوم أنَنا وإياكم نقولُ بوجوبِ الأمرِ لا بقرينةٍ، وإنْ اعتبرنا الرتبةَ في

<<  <  ج: ص:  >  >>