الآخرُ، فاستوعبوا الثلاثةَ أعيان، كانَ الجميعُ واجباً من حيث إنه سقطَ بها الوجوبُ عن ثلاثةٍ، كل واحد منهم قد وجب عليه نوع، فلماسقطَ بالثلاثةِ ثلاثُ كفاراتٍ واجباتٍ. دل على [أنَّ]، الثلاث واجبات، حيثُ سقطَ بها ثلاثة واجباتٍ، فلا يلزمُ، لأن كونَ الثلاثة في حق ثلاثةٍ من المكلفين لا يعتبرُ به الثلاثةُ في حق الواحدِ، فإنه لو أمرَ بلفظِ التنكير فقال: أعتق عبداً، كأعتقَ كُلُّ مُكَفر عبداً، كانَ جميعُ ما أعتقه المكفرون من العبيدِا واجباً، وَبمثله لو أعتقَ واحدٌ جميعَ أولئك العبيد، لم يكن الجميعُ واجباً، بل كانَ الواجبُ منهم واحداً.
وأمَّا تعلّقهم بفروض الكفايات، فهو الحجّةُ لنا، لأنه لما كان الفرضُ على الجميع، أثَمَ بتركه الجميعُ، فلو كانَ هاهنا الواجبُ الجميع، لأثم بتركهِ الجميعُ.
على أن فروضَ الكفاياتِ لو لم تجب على الكافة لاتكلَ بعضُهم على بعض، فلم يُفعل شيءٌ منها، وهاهنا إذا وجب واحدٌ لا يفضي تركُ اثنين إلى ترك الجميع، لأنه إذا نابَ واحدٌ عن آخر في حقِّ المكفِّر الواحِد، لم يخلدْ إلى تركِ الكل، بل غايةُ ما يخلدُ إلى تركِ الواحد والاثنين، وفي فعلِ الأخركفاية.
وأما قولُهم: إنَّ هذا يُفضي إلى أن يكونَ ما يختارُه المكلفُ من الأعيانِ الثلاثةِ هو الواجبَ عندَ الله، وما لم يختره ليس بواجب، وغيرُ الواجب هو النفل، وأحدٌ لا يقولُ إنَ الله خيَّر في هذهِ الأعيانِ الثلاثة بين واجَبٍ ونفل، فهو قولٌ مخالفٌ الإِجماعَ، فلم يبقَ إلا القولُ بأنَ الثلاثة واجبةٌ. فهذا لا يصحُّ من وجوه: