للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

أنَّه سقطَ المأثمُ لنوع عُذرٍ، والنفلُ يَسقطُ لغيرِ عذرٍ.

وأمّا قولُهم: لو كان واجباً في الوقتِ الأول والأوسطِ، لما جازَ بتركه فيهما وتأخيره عنهما لا إلى بَدَل. فنحن قائلون بموجبه وأنّه ما جازَ لا إلى بدل بل إلى بدل هو العزمُ على الفعل.

فإن قيل: فلو كانَ العزمُ بدلًا لكان يعتبرُ فيه نوعُ تعذرٍ كسائر كالأبدالِ، ولكان يَسقطُ المبدَلُ، لأن البدلَ ما ناب مناب المبدَل، كالأبدالِ في الكفاراتِ والطهاراتِ، ولما لم يَسقط الوجوبُ بالعزم بطل أن يكون بدلًا عن الفعل.

قيل: أمَّا التعذرُ فلا يعتبر لكثيرٍ من الأبدال، بل يُعتبر نوعُ مشقّة، بدليلِ المسحِ على الخفيّن مع القدرةِ على غسلِ الرجلين، والعدولِ عن العتق إلى الكسوةِ، وعن الكسوةِ إلى الإِطعام لا لعُذرٍ، لكنه توسعةٌ، لإِزالةِ مشقةِ التعيينِ للغَسل في الطهارةِ، والعتقَ في الكفارةِ.

وأمَّا كون العزم لا يُسقطُ وُجوبَ الفعل، فليس ببدل عن أصل الفعل، بل هو بدَل عن فضل التقديم وفعله، فإذا كان على الفعل من أولِ الوقتِ إلى أوسطهِ عازماً، ثم فعلَ في الوقتِ الأخير، صار كأنَّه بعزمه بدأ بالصلاة وطوَّلها إلى الوقت الأخيرِ، لأن تحقُّق العزم على الصلاةِ عملٌ بالقلب ممتدٌّ إلى حين فعلها، فصار كتطويلهَا بعد الشروع فيها، وإنَ لم يكن الإِحرامُ بها في الوقت الأوّل مسقطاً الائتمار (١) بها الممتد إلى حين خروج الوقت الأخير في حق من


(١) في الأصل: "لا سيما" وهي تحريف.

<<  <  ج: ص:  >  >>