بالأمر، وكذلكَ إذا أخبر عن الواحدِ من عبيدهِ لم يكن خبراً عن غيره، وإذا كان هذا هو أصلً الوضعِ، فتعديتهً إلى غيرهِ تحتاح إلى دليلٍ، ومتى قام دليل على التعدية اتفقنا على القولِ به، لأنه يخرجُ عن خصوصهِ بالدليلِ إلى العموم، كما يخرجُ العمومُ عن عمومهِ بالدليل إلى الخصوص.
والدليل الذي يتعدّى إلى غيرِ المخاطَبِ، هو الدليلُ الذي جعل خطابهَ صلى الله عليه وسلم لأهل عصرِه الموجودين من الأحياءَ العقلاءِ البالغين، خطاباً لمن لم يأتِ من أهلِ الأعصار المستقبلةِ المعدومين، وليس ذلك إلا دليلًا يدلّ على التعديةِ إلى أولئك. كذلك هاهنا.
وانَّما لم ينصرف الخطابُ إلى المعدومين بمطلقِ اللفظِ، لأنه لا يصلحُ للمعدوم بيا أيها الناس، ويا أيها الذين آمنوا، ولا باستدعاءِ الأعمال منهم والتَروكِ، كالصلاةِ والصيام، إذ لا وجودَ لهم، ولا حقيقةَ فضلاً عن أوصاف يصفهم بها من إيمَانٍ وغيره، ولا أعمال لهم يستدعيها، كذلكَ ليس في خطاب الواحدِ صلاح لخطاب الجماعة، فإذا جاءت دلالةٌ فصرفته إلى المعدَوم بان يقول: هذا خَطابي للقرنِ الدين بُعثت فيهم، ثم الذين يلونهم، وَللذين رأوني، ولمن بَلَغ، ممّن بعد عني وعنهم. حينئذٍ صرفنا ذلكَ إلى من قامت الدلالةُ على صرفِ الأمر إليه وتعديتهِ إلى خطابه.
فهذا من طريق اللغة واللسان، فأمَّا من طريق المعقول: فمن ذلك: أنَّ من المعلومِ أنَّ الأمرَ بالشيء قد يكون مصلحةً