للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وأما قولهم: لما لم يكن النهيُ بالشيء أمراً بضدّه، لا يكونُ الأمرُ بالشيء نهياً عن ضده. فكذلكَ نقول: وإنّه إذا نهاه عن شيءٍ له ضدَّ واحد كالحركةِ، فقد أمرَه بالسكون معنىً، وإن نهاه عما له أضداد، فقد أمره بواحد من تلكَ الأضدادِ، مثل أن ينهاه عن الاضطجاعِ، فيكون آمراً له بالجلوسِ أو القيامِ، وفي الجملة، ما يكون به خارجاً عن الاضطجاعِ أيّ الأضداد كان.

وأمَّا قولهم: يفضي إلى أن يكون للأمر متعلقان، لأن كل ماله تعلُّق من الصفاتِ لا يصحُ أن يتعلّق إلا بمتعلَّقٍ واحد على وجهٍ واحدٍ.

فليسَ بصحيح، لأنَّ صفاتِ القديمِ سبحانه خاصة يصحُّ أن تتعلّق بكل ما يصحُ أن تتعلق به صفاتنا من العلمِ بالعلومِ، تعلق العلم بالمعلوماتِ، وقد بينا ذلكَ في أُصولِ الديانات.

على أنَهم قد ناقضوا هذا بقولهم: إنَ القدرةَ الواحدةَ تكون قدرةً على الشيء ومثله وضده وخلافه. وأوضحنا أنَّ نفسَ الِإرادةِ للشيء كراهيةٌ لضدّه، وأنها تتعلق بشيئين، وتكونُ متعلّقة بأحدِهما على العكس من تعلّقها بالآخر، فبطلَ ما قالوه (١).


(١) ورد هنا في نسخة الأصل ما نصه:
"آخر الأول، يتلوه: الأمرُ بالشيء ليس بنهي عن ضدّه من طريقِ اللفظ.
تممه محمد بن محمود المراتبي، في الثالث من ربيع الثاني سنة ثمانٍ وعشرين وست مئة. وصلى الله على محمدٍ وآله.
يا رب، يا رب، يا رب، يا حي يا قيوم، ياذا الجلال والإكرام، اغفر لي".

<<  <  ج: ص:  >  >>