للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

نفسي، ما ذلكَ إلا لتخصيصِ الفرضِ با لميزةِ، والتأكيدِ على كل واجبِ .......... (١)

والجوابُ عنه من وجهين:

أحدُهما (٢): أنَ الواجبَ غاية لا تقبلُ الزيادةَ، وهو المأمورُ به على الحتمِ والحزمِ الذي لا يُعفى عن تاركِه، ولا يُتقَضَى (٣) عن عهدةِ الأمرِ به إلا بفعلِه، ومتى تركَه المأمورُ به استحقَ العقاب، وهذا يعمُ الفرضَ والواجبَ، فدل على أنهما اسمان لمسمَّى واحد، كصيغة الأمرِ بالإيمانِ وبفروعِه من العباداتِ يَشملهما الأمر ولا يقالُ: إنَ الاستدعاءَ والطلبَ لأحدِهما فوقَ الاستدعاءِ للآخر ثم لو سُلم تأكُد أحدِهما على الآخر، لم يكن تأكيدُ الفرض على الواجبِ بأولى من تأكيدِ الواجبِ على الفَرضِ، وقد بينا أنَ اسمَ الواجب لا يُشاركه غيرُه فيه، والفرضَ مشترك.

فإن قيل: الواجبُ يقع على المندوبِ، بدليلِ قول النبي - صلى الله عليه وسلم -: "غُسلُ الجمعةِ واجبٌ على كُل مُحتلمِ" (٤).

قيل: لانُسلم، بل غسلُ الجمعةِ واجبٌ حقيقةَ، ولو سلَمنا فقد يُصرفُ اسمُ الحقائقِ إلى الاستعاراتِ بدلالةِ، ولا يدل على ضعفِ الحقيقةِ فيما وُضعت له لأجْلِ الاستعارةِ، ولان الفرضَ قد يقعُ على ما هو واجب على الكفاية، إذا قامَ به قوم سَقطَ عن الكُل، ويقعُ على التقديرِ وعلى النزولِ، وعلى الوجوبِ، ولفظُ الوجوبِ خاص للأمرِ والمأمورِ المحتومِ، فلا ترجيحَ، فلا يصحُ لك تعيينُ الفرضِ ......... (٥). فلا يصح لك الاحتجاج به إلا بعدَ أن تبين أن الفرض


(١) طمسٌ في الأصل.
(٢) لم يذكر المؤلف غير هذا الوجه.
(٣) أي: يُخرج منها. "اللسان": (فصى).
(٤) تقدم تخريجه ٢/ ٥٠٨.
(٥) طمس في الأصل، والذي يفهم من سياقِ الكلامِ أنه لا يصح جعل الفرض على معنى التأثير دون غيرِه من المعاني الأخرى المحتملة.

<<  <  ج: ص:  >  >>