للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

غيره. ولا يقالُ: إلا نفسَه وعينَه؛ لأنَّ النفسَ والعينَ هى حقيقةُ زيدٍ.

ولانُسَلِّمُ قولهَم: لا يحسن تأكيدُ الاعدادِ. بل اذا قالَ ما يؤكدُ الأعدادَ حَسُنَ قال الله تعالى. {فَصِيَامُ ثَلَاثَةِ أَيَّامٍ فِي الْحَجِّ وَسَبْعَةٍ إِذَا رَجَعْتُمْ تِلْكَ عَشَرَةٌ كَامِلَةٌ} [البقرة: ١٩٦]، {وَوَاعَدْنَا مُوسَى ثَلَاثِينَ لَيْلَةً وَأَتْمَمْنَاهَا بِعَشْرٍ فَتَمَّ مِيقَاتُ رَبِّهِ أَرْبَعِينَ لَيْلَةً} [الأعراف: ١٤٢]، فقد بان تجويز التأكيد فى الاعداد؛ التفصيل بالجملة، فكذلكَ يحسُنُ أن تُؤكد الجملة بالتفصيل، فإذا حسن أن يقال: عشرةٌ وثلاثون: أربعون، وثلاثةٌ وسبعةٌ: عشرةٌ. عطفاً وتأكيداً، كذلك يحسُنُ ان يقال: عشرةٌ، ثمَّ يقال: ثمانيةٌ واثنان. قياساً كانَ -فنحن نقول به، وأنَّ اللغة تثبتُ قياساً، وسنذكره في موضعه إن شاءَ الله (١) - أو استقراءً.

وأمَّا قولهم: إنَ العطف للجمل المتساوية، وإنَّ المتساويةَ كلها مختلفٌ فيها، غيرُ مقتضيةٍ (٢)، وإنما قصدوا بذلك بيان قصدهم وأنَّه الشمولُ، فصار بذلك الاستقصاءِ (٣) مفيداً لاْ بنفس الصيغة. فغيرصحيح؛ لأنَّه اذا كان كل لفظ وصيغة من هذهِ الألفاظِ والصيغ لاتفيدُ الشمولَ، لم يكن اجتماعها مفيداً، فصيغةُ كُل، وجميع، وسائر وأجمعين، وأكتعين، كلُّ واحدةٍ منها لا تفيد عندكم، ولا تقتضي العموم، فكيف يجلبُ اجتماعها علماً المعلوم؟ وهل هذا إلا بمثابة من قال: رأيتُ معظمَ بني تميم، أكثرَ بنى تميم، أظهر بنى تميم؟ لم يعط ذلك تكرارُ الجميع، بل البعضَ، لكن الأكثرَ فقط فما أظهر التكرارُ تعميماً، حيث لم يكن فى الصيغة الأولى والثانيةِ والثالثةِ تعميم، فكيف يدعى العلم بالعموم بتكرار: كل؛ وسائر, وجميع؟ وكلُّ صيغةٍ منه على حدِّها لا تعطى ذلك ولا تقتضيه.


(١) سبق وذكر المصنف ذلك فى الجزء الاولى:٣٦٤و٣٩٧
(٢) يعني أنها غيى مقتضية للعموم.
(٣) في الأصل: "بالاستقصاء".

<<  <  ج: ص:  >  >>