للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وزيادةً على ما تحتاجُ إليه الحقيقةُ.

فيقالُ: ليسَ في هذهِ الطريقةِ إلا ما في الأولى منَ الاشتقاقِ، والتصرُّف يحصُلُ في الحقائقِ والمجازِ جميعاً، فيقالُ: خَبأتُ في الخابية، وخبأتُ في الصُّندوقِ، واستقرَّ الدُهنُ في القارورةِ، واستقرَ الماءُ في الخابية والدَّنِّ (١) والقِربةِ، ويقولُ العظيمُ: فعلنا، نفعلُ، وسَنفعلُ، ولم يدُل على كونِ الصندوقِ خابيةً، ولا الحب قارورةً، ولا العظيم من الناس جماعةً، لكن (٢) لماّ كانَ في حصولِ الشيء في الصندوق نوعُ خَبْءٍ لما (٣) يُجعلُ فيه، كما أن، (٤) فيما يُجعلُ في الخابيةِ نوعُ خَبْءٍ؛ قيل: خَبَأت، ولم يقل: الصندوقُ خابية، و [لمّا] (٤) كان في حصول الماء في الحُب استقرار والحب له قرارٌ، قيلَ: استقر فيه الماءُ يستقر ولم يُسمَ قارورةً، وحيثُ كانَ العظيمُ إذا فَعل، فَعَلَ بِفِعْلِه أتباعُه، وهم جَمعٌ؛ دخلَ عليه نونُ الجمعِ، ولم يدُل ذلكَ على أنَّ العظيمَ جماعةٌ، ولا الصندوقَ خابيةٌ، ولا الحُب قارورةٌ لغةً، كذلكَ تصرفُهم في الجمع في بابِ الاثنينِ لا يدُل على أنَهما جماعة، ولا جمع حقيقةً، على أن التفرُقَ لم يوضعْ لأقلِّهِ وأكثرِه وَضعٌ في اللغةِ، وها هنا قالوا: تأحيدٌ وتثنيةٌ وجمعٌ (٥).

ومنها: قولُهم: إنَّ الاثنينِ يُخبرانِ عن أنفسِهما بلفظِ الجمعِ، فيقولانِ: قمنا، وقَعدْنا، وضَربْنا، وأكلْنا. كما تقولُ الجماعةُ عن أنفسِهم، ولا يحسنُ أن يصدرَ ذلكَ من الواحد لماّ عُدِمَ فيه الجمع، وإن قالَه العظيمُ قاله لِماْ يقدرمِن فعلِه ومِن فِعلِ أتباعِه معهُ وبأمرِه.


(١) الدن: هو ما عظم من الرواقيد كهيئة الحُب إلا أنه أطول، وهو ما تحفظ فيه المائعات "اللسان": (دنّ).
(٢) تحرفت في الأصل إلى: "لكان".
(٣) في الأصل: "لم"، والمثبت هو الصواب.
(٤) زيادة يقتضيها السياق.
(٥) انظر "العدة" ٢/ ٦٥٨، و"التمهيد" ٢/ ٦٥، و"التبصرة": ١٣٠.

<<  <  ج: ص:  >  >>