للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

اعلم أنَّ ذلكَ على أربعةِ أضرُبٍ:

أحدُها: أن يكونَ الحكمُ والسببُ واحداً، مثل أن يكونَ في كفارةِ القتلِ رقبةٌ مؤمنةٌ، ثم يذكرُ القتلَ في آيةٍ أخرى، فيقولُ: رقبةٌ ولا يذكرُ مؤمنةً، فإنَّه يجب بناءُ المطلق علي المقيَّد، ويقضى بالزيادةِ، ويكونُ مثلُ أن يذكرَ أحدُ الرواةِ أنَّه صلى الله عليه وسلم دخلَ البيتَ وصلَّى (١)، ويروي الآخرُ: دخل البيتَ وما صلَّى (٢).

وأن يكون الحكم والسبب واحداً، إلا أن أحدهما خاص، والآخر عام، ولم يكن للخاص دليلٌ، فإنَّ الخاصَّ داخلٌ في العام، وهو بعض ما شملَه العمومُ، ويكون ما تناولَه الخاصُّ ثابتاً بالخاص والعامَ وما زاد على ذلك ثابتاً بالعام وحدَه دونَ الخاص، مثالُه: ما رويَ عن النبيِّ صلى الله عليه وسلم أنَّه قال: "مَنْ أفطر في رمضانَ، فعليه ما على المُظاهِر" (٣)


(١) المقصود بذلك دخول الرسول - صلى الله عليه وسلم - الكعبة والصلاة فيها، وقد روى إثبات صلاة رسول الله - صلى الله عليه وسلم - في الكعبة، ابن عمر رضي الله عنهما، وأخرجه من حديثه: مالك في "الموطأ" ١/ ٣٩٨، وأحمد ٢/ ٤٥ و٤٦ و٨٢، والبخاري (٥٠٥) و (١٥٩٨)، ومسلم (١٣٢٩) (٣٩٣) و (٣٩٤)، وأبوداود (٢٠٢٣)، وابن ما جه (٣٠٦٣)، والنسائي ٢/ ٣٣ - ٣٤ و٢/ ٦٣، والبيهقي ٢/ ٣٢٧ - ٣٢٨، وابن حبان (٣٢٠٠) و (٣٢٠٢) و (٣٢٠٣) و (٣٢٠٤)، و (٣٢٠٥).
(٢) الذي روى عدم صلاة رسول الله - صلى الله عليه وسلم - وفي الكعبة هو ابن عباس رضي الله عنهما، وقد أخرجه من حديثه: أحمد ١/ ٢٣٧، والبخاري (٣٩٨)، ومسلم (١٣٣٠) و (٣٩٥) و (١٣٣١) (٣٩٦)، والنسائي ٥/ ٢٢٠ - ٢٢١، اوبن حبان (٣٢٠٧) و (٣٢٠٨)، والبيهقي ٢/ ٣٢٨.
ووجه الجمع بين حديث ابن عمر وحديث ابن عباس: أن يُجعل الخبران في فعلين متباينين، فيقال: إنَّ المصطفى - صلى الله عليه وسلم - لما فَتح مكة، دخل الكعبة فصلى فيها على ما رواه ابن عمر ويجعلُ نفيُ ابن عباس صلاة المصطفى في الكعبة في حجته التي حج فيها، حتى يكونا فعلان في حالتين متباينتين. فإذا حمل الفعلان على هذا المحمل، بطل التضاد بينهما، وصح استعمال كل واحد منهما.
انظر " الإحسان في تقريب صحيح ابن حبان": ٧/ ٤٨٣ - ٤٨٤.
(٣) الحديث بهذا اللفظ لم أقف عليه، وقال الزيلعي في تخريجه: "حديث غريب بهذا اللفظ .. والحديث لم أجده" انظر "نصب الراية"٢/ ٤٤٩ - ٤٥٠. =

<<  <  ج: ص:  >  >>