للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

قياساً فاعلم أنَنا نتركُ دليلَ الخطابِ لما هو أقوى منه، ومعنى الخطابِ أقوى من

الخطابِ، وكذلكَ التنبيهُ، مثالُه: قولهم: النبيُّ - صلى الله عليه وسلم -: نهى عن بيعِ ما لم يقبَض (١)، ثم

قال: "من ابتاعَ طعاماً، فلا يَبِعه حتى يستوفيه" (٢)، ولم يقضوا بدليل خطابِه ويخرجوا

منه ما عدا الطعام، فإن نهيَه عن بيعِ الطعامِ حتى يُستوفى، مع كونِ حاجةِ الناس

داعية إليه تنبيه على غيره، فقضينا بالتنبيهِ على دليلِ النطق؛ لأنّه أقوى منه، ومثل قوله

- صلى الله عليه وسلم -: "إذا اختلفَ المتبايعان والسلعة قائمة، فالقول قول البائع، والمبتاع بالخيار" (٣) لم

يقض بدليل خطابه، فيخصُ ذلكَ بقيامِ السلعةِ؛ لأنه لما أمر بالتحالفِ، والسلعةُ قائمةٌ يمكنُ الرجوعُ إلى قيمتها الشاهدةِ باليمين لمثلها التي يمكنُ الاستدلالُ بها على صدق أحدهما، فأولى أن يحكمَ بالتحالُفِ حالَ الاشتباهِ وعدمِ الشاهدِ، وهو حالُ تلفِها، ولأنَّ كلَّ واحدِ منهما مُدعِ ومُدّعى عليه، وهذا المعنى موجود حالَ تلفِ السِّلعةِ، فكانَ المعنى أيضاً مقدّماً على دليل الخطاب.


(١) كما في حديث حكيم بن حزام المتقدم في الصفحة ٤٣٦.
(٢) أخرجه من حديث ابن عمرَ رضي الله عنهما: مالك ٢/ ٦٤٠، وأحمد ٢/ ٦٣ - ٦٤، والبخاري (٢١٢٤) و (٢١٢٦) و (٢١٣٦) ومسلم (١٥٢٦) (٣٢) (٣٤) (٣٦)، وأبوداود (٣٤٩٢) و (٣٤٩٥)، وابن ماجه (٢٢٢٦)، والنسائي ٧/ ٢٨٦، والبيهقي ٥/ ٣١٤،وابن حبان (٤٩٧٩) و (٤٩٨١) و (٤٩٨٦).
وأخرجه من حديث ابن عباس: أحمد ١/ ٢٧٠ و٣٥٦ و٣٦٨ و٣٦٩، والبخاري (٢١٣٢) و (٢١٣٥)، ومسلم (١٥٢٥)، وأبوداود (٣٤٩٧)، والترمذي (١٢٩١)، وابن ما جه (٢٢٢٧)، والنسائي ٧/ ٢٨٥ وه ٢٨ - ٢٨٦، وابن حبان (٤٩٨٠).
وأخرجه من حديث جابر أحمد ٣/ ٣٩٢، ومسلم (١٥٢٩)، والبيهقي ٥/ ٣١٢. وابن حبان (٤٩٧٨).
(٣) أخرجه من حديث عبد الله بن مسعود: أحمد ١/ ٤٦٦، والشافعي (٢٤٤)، وابن ماجه (٢١٨٦)، والترمذي (١٢٧٠)، والبيهقي ٥/ ٣٣٢، والبغوي (٢١٢٤)، بلفظ: "إذا اختلف البيعان، وليس بينهما بينة، والبيع قائم بعينه، فالقول ما قال البائع، أو يترادان البيع". قال الترمذي: هذا حديث مرسل عون بن عبد الله لم يدرك ابن مسعود.

<<  <  ج: ص:  >  >>