للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

نسيها (١)، فلم يكن أحدُ الوجهينِ في الاستعمال بأولى من الآخر وجبَ إسقاطُ الجميع، والبقاءُ على براءةِ الذمةِ بدليلِ العقل القاطعِ.

يقال: نحنُ إنَّما استعملنا لمّا أمكنَ وجهٌ واحدٌ من الاستعمال، فأمَّا إذا أمكنَ وجهان، لم يقدَّم أحدُ الوجهين على الآخر إلا بضربٍ من الترجيح، والترجيحُ إيجابُ القضاءِ في عمومِ الأوقاتِ، حتى أوقاتِ النهي، ولا تعطَّلُ أوقاتُ النهي عن النهي في صلاة النوافل غير المقضيّة المفروضة، ودليلُ العقل القاطع أوجبَ الاحتياطَ والاحترازَ من تركِ فعلٍ يوجبُ العقابَ في الآجل (٢).

ومنها. أن قالوا: إنَّ الجمعَ والبناءَ إنَّما يكونُ بنفسِ اللفظِ، واللفظُ لا يدلُّ عليه، أو بدليلٍ آخرَ, وليسَ معكم في الجمعِ دليل، فوجبَ التوقُّف فيه.

فيقالُ: هذا يَبطلُ ببناءِ إحدى الآيتين على الأخرى، فإنَّه يجوز, وإنْ لم يدلَّ عليهِ اللفظُ، ولا دليلَ آخر يقتضي الجمعَ بينهما.

على أنَّ الدليلَ الذي اقتضى الجمعَ بينهما، هو: أنَّ الدليلَ قد دلَّ على وجوب العمل بكلِّ واحدٍ من الدليلين، وكلامُ صاحبِ الشرع لا يتناقضُ، فلم يبقَ إلا الجمعُ والترتيبُ.

ومنها: أنْ قالوا: يحتملُ أن يكونَ أحدُهما منسوخاً بالآخر، ويحتملُ أن يكونَ مبنيَّاً عليه، ومرتَباً، فلا يجوزُ تقديمُ أحدِهما على الآخر، كما لو احتملَ وجهين من الترتيب، لا مزيَّةَ لأحدِهما على الآخر.


= و ٤/ ٨٢، وابن ماجه (١٥١٩)، والترمذى (١٠٣٠)، وابن حبان (١٥٥١).
(١) تقدم تخريجه في ٢/ ١٦٨.
(٢) انظر "شرح اللمع"١/ ٣٧٧.

<<  <  ج: ص:  >  >>