للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

العلمِ في غالبِ الاستعمالِ، قالَ اللهُ تعالى: {فَإِنْ عَلِمْتُمُوهُنَّ مُؤْمِنَاتٍ} [الممتحنة: ١٠]، ولا طريقَ لنا إلى علمِ ذلك، وإنما المرادُ به: فإن ظننتموهنَّ مؤمناتٍ.

وسَمَّى العلمَ ظنّاً (١)، فقال: {الَّذِينَ يَظُنُّونَ أَنَّهُمْ مُلَاقُو رَبِّهِمْ} [البقرة: ٤٦] والمرادُ به: يعلمون (٢). فلما كثُرَ استعمالُ أحدهما في الآخر حسُنَ الاستئناءُ، وذلك كثيرٌ لا يُعَدّ (٣).

وأما قولُه: {لَا يَسْمَعُونَ فِيهَا لَغْوًا وَلَا تَأْثِيمًا (٢٥) إِلَّا قِيلًا سَلَامًا سَلَامًا (٢٦)} [الواقعة: ٢٥ - ٢٦]، وقوله: {إِلَّا أَنْ تَكُونَ تِجَارَةً} [النساء: ٢٩]، كلّ ذلك استثناءٌ منقطع. بمعنى: لكن يسمعونَ التسليمَ، لكن كُلوها بتجارةٍ، لكن رحمةً منا (٤)، لكن من رَحِم (٥). وهذا قولُ سيبويه (٦).

وقال ابنُ قُتيبة في كتاب "الجامع في النحو": ومما تكون فيه (إلا) بمعنى (لكن) قولُه: {لَا عَاصِمَ الْيَوْمَ مِنْ أَمْرِ اللَّهِ إِلَّا مَنْ رَحِمَ} [هود: ٤٣]، يعني: لكنْ من رحمَ.

وكذلك قولُه: {فَلَوْلَا كَانَتْ قَرْيَةٌ آمَنَتْ فَنَفَعَهَا إِيمَانُهَا إِلَّا قَوْمَ يُونُسَ} [يونس: ٩٨]، لكن قومُ يونس، وهذا قولُ سيبويه (٧).

وأما قول الشاعرِ, فإنه استثنى اليعافرة والعيسَ، من جملةِ الأنيسِ لا الإنسِ، وقد


(١) في الأصل: "ظنياً".
(٢) "تفسير ابن كثير"١/ ٨٨.
(٣) في الأصل: "يتعدد".
(٤) يعني في قوله تعالى: {وَإِنْ نَشَأْ نُغْرِقْهُمْ فَلَا صَرِيخَ لَهُمْ وَلَا هُمْ يُنْقَذُونَ (٤٣) إِلَّا رَحْمَةً مِنَّا} [يس: ٤٣ - ٤٤]
(٥) في الأصل: "عصم"، والمثبت هو الصواب، كما في قوله تعالى: {قَالَ سَآوِي إِلَى جَبَلٍ يَعْصِمُنِي مِنَ الْمَاءِ قَالَ لَا عَاصِمَ الْيَوْمَ مِنْ أَمْرِ اللَّهِ إِلَّا مَنْ رَحِمَ} [هود: ٤٣]
(٦) "الكتاب" ٢/ ٣٢٥.
(٧) المصدر السابق، و"العدة" ٢/ ٦٧٦ - ٦٧٧.

<<  <  ج: ص:  >  >>