للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

يحَصلُ الأُنْسُ بالوحوش، بل بالآثارِ والأبنية فَضلاً عن الحيوانِ، فهي وإن فارَقتْ في نوع الحيوانية، فقد اجتمعت مع الإنسانِ في جنس الحيوانية، ولهذا يحصلُ أُنسُ الإنسانِ بالأشجار لأجل المناسبة في النَّماء، فهو استثناء من الجنسِ، وهو الانسُ.

وأما الفُلولُ فهي عيب في السيوفِ، وإن كانت فضلاً ومدحةً لأربابِ السيوفِ، من حيثُ سببُ الفُلولِ.

ومنها: أن قالوا: [إنه] (١) استثناءُ لا يرفعُ الجملةَ، فصح، كما لو كان من الجنسِ، ما لو استثنى وَرِقاً من عينٍ، وعَيناً من وَرِقٍ.

فيقالُ: لا يجوزُ أن يُعتبر غيرُ الجنس بالجنسِ، لأنَّ الجنسَ يدخلُ في الجملةِ فلذلك حسُنَ إخراجُه بحرفِ الاستثناء منها، وجازَ بيانُ أنه غيرُ مرادٍ بها، ولهذا جاز تخصيص [الجنس] (١)، ولم يجزْ تخصيصُ غير الجنسِ (٢).

وأما استثناء العَين من الورِق، والوَرق من العين؛ ففيه وجهانِ عن أصحابنا:

أبو بكر يمنعُه (٣).

والخِرقي يُجيزُه (٤).


(١) زيادة يقتضيها السياق.
(٢) في الجملة غموضٌ وخفاءٌ ولعل مِمّا يُظهر مرادَ ابن عقيل في دفع هذه الشبهة، ما أجاب به القاضي أبويعلى في رده للشبهة ذاتِها، حيث قال:" إنه لا يجوزُ اعتبارُ الجنسِ بغيرِه، كما لم يجز اعتبارُ التخصيص بغيره، ولأنَّ الاستثناء من الجنسِ يوجدُ فيه معنى الاستثنا" وها هنا لا يوجدُ معناه؛ لأن معناه: إخراجُ ما لولاه لدخلَ تحت اللفظ": "العدة" ٢/ ٦٧٧.
(٣) يعني: غلامَ الخلال، وقد نقل ابن قُدامة عنه القولَ بعدم صحةِ استثناء الورِق من العينِ، ولا العينِ من الورِق في "المغني" ٧/ ٢٦٩.
(٤) انظر رأي الخرقي في "مختصره": ٩٩، في كتاب الإقرار حيث قال: "ومَن أقر بشيءِ واستثنى من غير جنسه، كان استثناؤه باطلاً، إلا أن يستثني عيناً من وَرِق، أو ورِقاً من عين".

<<  <  ج: ص:  >  >>