للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

والحقيقةِ وسائرِ ضروبِ الكلامِ وأقسامِه، ففاقَ كلامَهم الجامعَ المشتملَ على تلك الأقسامِ، بانَ الإعجازُ، وظهرَ التعجيزُ لهم، فهذا يوجبُ أن يكونَ في القرآنِ مجازٌ.

ومنها: ما زعموا أنَّهُ من أجودِ الاستدلالِ عليهم، وهو قولُه: {لَهُدِّمَتْ صَوَامِعُ وَبِيَعٌ وَصَلَوَاتٌ} [الحج: ٤٠]، وقوله: {فَوَجَدَا فِيهَا جِدَارًا يُرِيدُ أَنْ يَنْقَضَّ} [الكهف: ٧٧]، والصلواتُ في لغةِ العرب: إمَّا الأدعيةُ، أو (١) الأفعال المخصوصةُ، وكلاهما لا يوصفُ بالتهدُّمِ، والجماد لا يتَّصِفُ بالإرادةِ.

فإدْ قيل. كان في لغةِ قوم تسميةُ المصلَّى صلاة، وقد وردَ في التفسير: {وَأَنَّ الْمَسَاجِدَ لِلَّهِ} [الجن:١٨]: [أنها] أعضاءُ السجود (٢). والجدار وإنْ (٣) لم يكنْ له إرادة، لكنَّه لا يستحيلُ من اللهِ فعل الإرادة فيه من غيرِ إحداثِ بنيةٍ مخصوصةٍ.

فيقال: هذه (٤) دعوى على الوضعِ إذ لا يُعلم أنَّ الصلاةَ فى الأصلِ إلا الدعاءُ، وزِيدَ في الشرع، أو نُقِلَ إلى الأفعال المخصوصةِ، فأمَّا الأبنيةُ فلا يُعلمُ ذلكَ من نقلٍ عن العربِ. وإن سُمِّيتْ صلوات، فإنما هو استعارةٌ؛ لأنَّها مواضعُ الصلواتِ.


= إحداهما: لا يجوز، وهو مذهب الشافعي، والثانية: لا يمنع منه، وهو قول أبي حنيفة، لأنه لا يحصل به الإعجاز، ولا يجزىء في الخطبة. "المغني" ١/ ١٩٩ - ٢٠٠.
(١) مي الأصل: "و".
(٢) انظر تفسير ابن كثير ٤/ ٤٣١.
(٣) في الأصل: "إن".
(٤) في ألاصل: "هذا".

<<  <  ج: ص:  >  >>