للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

بها العربُ لأجلِ أغراضِهم (١) وحوائِجهم، تكَلَّمَ البارىء بها، حتى إنَّ أشباهَ ما ذكرتُ من الأمثالِ، والمبالغةِ في المدحِ، والوعدِ والوعيدِ، والذم قد اجتمعَ في القرآنِ، فإن شئتَ المدحَ فقوله: {كَانُوا قَلِيلًا مِنَ اللَّيْلِ مَا يَهْجَعُونَ (١٧)} [الذاريات: ١٧] {إِنَّا وَجَدْنَاهُ صَابِرًا نِعْمَ الْعَبْدُ} [ص: ٤٤]، {وَكَانُوا لَنَا عَابِدِينَ} [الأنبياء: ٧٣]، {وَيُؤْثِرُونَ عَلَى أَنْفُسِهِمْ وَلَوْ كَانَ بِهِمْ خَصَاصَةٌ} [الحشر: ٩]، {وَيُطْعِمُونَ الطَّعَامَ عَلَى حُبِّهِ مِسْكِينًا وَيَتِيمًا وَأَسِيرًا (٨) إِنَّمَا نُطْعِمُكُمْ لِوَجْهِ اللَّهِ لَا نُرِيدُ مِنْكُمْ جَزَاءً وَلَا شُكُورًا} [الإنسان: ٨ - ٩] {وَاذْكُرْ فِي الْكِتَابِ إِبْرَاهِيمَ إِنَّهُ كَانَ صِدِّيقًا نَبِيًّا} [مريم: ٤١]، {إِنَّ إِبْرَاهِيمَ لَحَلِيمٌ أَوَّاهٌ مُنِيبٌ (٧٥)} [هود: ٧٥].

وأمَّا الذمُّ, فأبلغُه قولُه: {وَلَا تُطِعْ كُلَّ حَلَّافٍ مَهِينٍ (١٠) هَمَّازٍ مَشَّاءٍ بِنَمِيمٍ (١١) مَنَّاعٍ لِلْخَيْرِ مُعْتَدٍ أَثِيمٍ (١٢) عُتُلٍّ بَعْدَ ذَلِكَ زَنِيمٍ} [القلم: ١٠ - ١٣]، {تَبَّتْ يَدَا أَبِي لَهَبٍ وَتَبَّ (١) مَا أَغْنَى عَنْهُ مَالُهُ وَمَا كَسَبَ} [المسد: ١ - ٢]، {وَامْرَأَتُهُ حَمَّالَةَ الْحَطَبِ} [المسد: ٤] أوهذه، استعارةٌ أحسنُ ما تكونُ من تسميةِ التي تُلهبُ الغضبَ، وتثيرُ الفتنَ بين النَاس، لكون ذلك مادةَ النَّارِ، وهذه مادةُ الثوائرِ بين النَّاس، فإذا كان كذلكَ، فقد وُجدَ حقيقةُ ما أتى بمثلِه الشعراءُ في المعنَى، وانْ عَجزوا عن المنطقِ والنَّظمِ، وكانَ ذلكَ لا لحاجةِ المتكلِّمِ إليه، لكنْ إظهارُه وإنزالُه لِحاجةِ المخلوقينَ إليه، لينتهوا عن القبائح بذمِّه ووعيدِه ونهيه، ويَهشُّوا إلى الفضائلِ بمدحِه ووعدِه، ويزدادوا من الخيرِ بشكرِه لهم، وثنائِه عليهم.


(١) في الأصل: "اعتراضهم".

<<  <  ج: ص:  >  >>