قيل: لا فرقَ في الموضِعَينِ، فإنَّ آيةَ السرقةِ، إنما تفتقرُ إلى بيان مَنْ لا يراد، وهو مَنْ سرقَ دونَ النِّصابِ، أو سرقَ مِن غيرِ حرزٍ، أوكانَ والداً أو ولداً، وأما ذكرُ الفقهاءِ شرائط القطع، فلا عبرةَ به، لأنَّهم سلكوا بذلكَ طريقَ الاختصارِ، وإنَّما فعلوا ذلكَ؛ ليعرفَ بذلكَ مَنْ لا يَجبُ عليه القطعُ، وإنَّما الاعتبارُ بما يقتضيه اللفظُ، وما أُخرِجَ منه، ومعلوم أنَّ الظاهرَ يقتضي وجوبَ القطعِ على من سَرَق، والدليلُ دلَّ على إخراج مَنْ ليس بمراد؛ مِن صبيٍّ، ومجنونٍ، وولدٍ ووالدٍ، وغير ذلك، فصارَ ذلكَ بمنزلةِ ما ذكرناه من آية القتلِ، التي تقتضي بظاهرها إيجابَ القتلِ على كلِّ مشرِكٍ، ثم دلَّ الدليل على إخراج مَنْ ليسَ بمرادٍ بها.
وأمَّا قولُه:{وَأَقِيمُوا الصَّلَاةَ وَآتُوا الزَّكَاةَ}[البقرة: ٤٣]، فيحتمل أن نقول: إنَّها تتناولُ كلَّ دعاءٍ، إلا ما يُخرِجُه الدليلُ، ويحتمل أن نقولَ: إنها مجملة، فتفتقرُ إلى البيانِ.
فعلى هذا: الفرقُ بينهما: أنَّ المرادَ بالصلاةِ لا يصلحُ له اللفظُ في اللغةِ، ولا يدلُّ عليه، وما يرادُ بالسارق، يصلح له اللفظ ويعقل [منه](١)، ألا ترى أنَّه إذا أخرجَ من آية السرقة مَن لا يرادُ قطعُه، أمكنَ قطعُ مَنْ أريدَ قطعُهُ بظاهرِ الآيةِ، هاذا أخرجَ من آيةِ الصلاةِ ما ليسَ بمرادٍ، لم يمكنْ أن يحملَ على المرادِ بالآيةِ، فافترقا.
ومما تعلَّقَ به البصريُّ أيضاً: أنَّ القطعَ يحتاجُ إلى أوصافٍ سوى السرقةِ من النِّصاب والحرزِ، وغير ذلكَ، فصارَ بمثابةِ ما لو احتاجَ