للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وأمَّا قولُهم: إنَّهما معنيانِ مختلفانِ، واللَّفظُ الواحدُ لا يرِدُ بهما، لايسلَّمُ، لما بَيّنَا من قبل (١)، بل يجوزُ أن يتناولَ اللفظُ الواحدُ (٢) معنيين مختلفين.

وقد تَعلَّق بعضُهم علينا فيها: بأنَّ العربَ لا تعرفُ أحكامَ الأفعالِ، بل صُوَرها، وإنَّما الأحكامُ شرعيةٌ حادثةٌ (٣).

فيقالُ: لا يصحُ تجهيلُ القومِ، والدعوى عليهم بذلكَ (٤)، وهُمْ يعرفون للأفعالِ (٥) أحكاماً؛ من حيثُ المؤاخذةُ في الأفعالِ المذمومةِ، والجناياتِ المسخوطةِ، والاعتدادُ بالأفعالِ المحمودةِ، وإنَّما جاءَ الشرعُ بمؤاخذةٍ من جهةِ الله [سبحانه]، فالجهةُ التي جاءت بها الشريعةُ هي الزيادةُ، لا أصلُ الأحكامِ.

ألا ترى أنَّهم قالوا: أقلناك عثْرتَك، واعتددنا لك بخدمتِك، فإذا قالوا: لا عملَ لزيدٍ، ولا جنايةَ لعمروٍ، أرادوا: لا عملَ معتدٌّ به، ولا جنايةَ يؤاخذُ بها، لمكان عفونا عنها، فما (٦) تَجدَّد في الشرع سوى إضافةِ الحكمِ إلى الشرعِ، فالإضافةُ تجدَّدت، لا أصل الحكمِ، فبطل ما ذكروا.


(١) في الصفحة: (٦٥) وما بعدها.
(٢) في الأصل: "أحد".
(٣) "التبصرة" (٢٠٦).
(٤) في الأصل:"ذلك".
(٥) في الأصل:"الأفعال".
(٦) في الأصل:"فيما".

<<  <  ج: ص:  >  >>