للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

بما يُؤْتَى في الثاني، ويمدُّ به من القدرةِ والآلةِ وقتَ حاجتِهِ إلى الفعل.

على أنَّ ما نحن فيه من الخطابِ يبعدُ عن خطابِ العربي بالزنجية، وذلكَ أنَّ صيغةَ العمومِ قد عقل منها الاستيعابُ والشمول للأعيانِ المأمور بإيقاع الفعلِ فيها، كقوله: {فَاقْتُلُوا الْمُشْرِكِينَ} [التوبة: ٥]، وقد عقِلَ من قوله: {وَآتُوا حَقَّهُ يَوْمَ حَصَادِهِ} [الأنعام: ١٤١]، فالإيتاءُ (١) معقولٌ، والحقُّ معقولٌ، وأنَّه أمرٌ واجبٌ يوم الحصادِ معقول، لم يبق في الآية شيءٌ مجهولٌ سوى قدر الحقِّ وكميته، ومتى قَبُحَ في العقول والعادات (٢) إيقافُ لفظة منها على بيان معناها في مستقبلِ التَّلفظِ بها؟! وأين هذا من لفظٍ زنجي يخاطبُ به عربيٌ لا يَفْهَمُ كلمةً من الزنجية؟!

ولأنَّ خطاب العربي بالزنجية لا يفيدُ فائدةً في الحال رأساً، والخطان بالعمومِ والمجملِ قد أفادَ في الحال تَلَقِّيَ الخطاب باعتقادِ إيجابِ فْعل والتزامِ حقٍّ، إلى أنْ يبيَّن مقدارُ الحقِّ، ومبلغُ الأفعال في تلكَ الأعيانِ.

وجوابٌ آخر:

وهو (٣) أنَّ جميعَ ما عوّلوا عليه باطلٌ بإطلاقِ الأمرِ المقتضي عمومَ الأزمانِ، ثم أبانَ النسخ عن إرادةِ الأمر به في بعضِ الأزمان، ولا محيصَ لهم عن هذا بفرقٍ، على أنَّ ما قدموه في ذلكَ قد تكلمنا


(١) في الأصل: "الإيتاء".
(٢) في الأصل: "العبادات".
(٣) في الأصل: "فهو".

<<  <  ج: ص:  >  >>