للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

فقد بان أن قولنا في هذا لا يؤدي إلى مقالةِ أهلِ الوقفِ.

ومنها أن قالوا: إن البيان مع المبينِ بمنزلةِ الجملة الواحدة، ألا ترى أنهما بمجموعهما يدلانِ على المقصودِ بهما؛ ولا خلاف أنه لا يَحْسُنُ تأخيرُ الخبرِ عن المبتدأ؛ بأن نقول: زيدٌ، ونقول بعد زمان: قامَ، كذلكَ لا يحسُن أن يؤخَّرَ البيانُ عن الجملةِ المبيَّنة.

فيقال: إن تأخيرَ الخبرِ عن المبتدأ ليسَ من أقسامِ الكلام، ولا هو مفهومٌ بحال، والمجملُ يفهمُ به ومنه إيجابُ حقٍّ، ويبقى علينا بيان كميته ومقداره، وينكشفُ ذلك بتعليق الأحكام عليه، وهو الإيمانُ والاعتقادُ بأن حقاً قد وجبَ عليه، والعزمُ على إِيتائِه مهما كان من كثيرٍ وقليلٍ، ولا يفيد قول القائل: زيدٌ [ذلك].

ولأنه بالناسخ والمنسوخ أشبهُ منه بالمبتدأ والخبر.

ومنها: قولُهُم: لما لم يجز أن يردَ في كلامهم بعض حروف كلمةٍ لِتُتَمَّمَ (١) تلكَ الكلمةُ في مستقبلِ الحال، كذَلك لا يجوزُ أن تردَ الكلمةُ غير (٢) مُبَيَّنَةٍ في الحال لتُبيَّن.

فيقالُ: وما الذي قَرَبَ بينهما؟ فإنَّه لا يحتملُ أَنْ يقال: لَمَّا قَبُحَ هذا قَبُحَ هذا، إلا بَعْدَ دلالةٍ تجمعُ بينهما.

على أنا نحن نعلمُ أنَّ العربَ لم تنطقْ ببعض كلمةٍ لِتُتَمِّمَها في الثاني، وتكلمت بالكلمةِ المفهومةِ بظاهرِها لِتَصْرِفَها عن ظاهرِهَا بما يأتي مِن الدلالة الصارفةِ لها، حتى إنهم لم يُقَبِّحُوا تأخيرَ النسخِ، ولا


(١) في الأصل: "لتمم".
(٢) في الأصل: "عن".

<<  <  ج: ص:  >  >>