للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

يُعْلَمُ منهم ولا عنهم إيرادُ حرفٍ أو حرفين من كلمةٍ لا يُفْهَمُ المقصودُ بها إلا بخمسةِ أحرفٍ.

ومنها أن قالوا: إنَّ البيانَ المتأخِّر عند مَن أجازه، يُخْرجُ بعضَ ما اشتملَ عليه اللفظُ، فجرى (١) مجرى الاستثناء المُخْرِج لبعضِ ما عَمَّهُ الاسمُ وتناولَه، قالوا: فلما أجمع أهل اللغةِ على قبح تأخير الاستثناءِ عن المستثنى منه بأوقاتٍ كبيرةٍ، كذلكَ التخصيصُ، وبيان المبيَّن، وذلكَ أنَّهم استهجنوا قول القائلِ: اضربْ عبيدي، وقولَه بعد حولٍ: إلا نافعاً، أو سوى خالدٍ (٢)، أو غير عمرو.

فيقالُ. أما دعواك الإجماع، فلا وجهَ له مع خلافِ ابن عباس -وهو من ساداتهم، وترجمانُ الكتابِ العزيز-، وقولِه بجوازِ الاستثناءِ بعدَ سنةٍ (٣).

جواب ثانٍ:

أنَّ الفرق بينهما: أن عادةَ أَهلِ اللغةِ: أن لا يُبْتَدأَ بغير، وسوى، وإلاَّ، ولا يُتحرَّجَ من الابتداء بصيغة الأمر والنهي، فإذا قال: {فَاقْتُلُوا الْمُشْرِكِينَ} [التوبة: ٥] لم يَحْسُنْ أنْ يقال بعد سنة: إلا أهل الكتاب إذا أدوا الجزية، ويَحْسُنُ أن يقولَ: ولا تقتلوا أهلَ الكتابِ إذا أدَّوا الجزية، فإنني لم أُردْهُم بالأمرِ بالقتلِ، أو يقول: اضربْ عبيدي، ويقول بعد أوقات كبيرة: إلا سالماً، فإنه لا يَحْسُنُ، ويَحْسُنُ أن يقولَ: ولا تضربْ سالماً، وان كان اللفظان جميعاً


(١) في الأصل: "جرى".
(٢) في الأصل: "خالداً".
(٣) تقدم فىِ ٣/ ٤٦١.

<<  <  ج: ص:  >  >>