للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

يُخرجان من اللفظ ما لولاه لدخَلَ فيه.

على أن هذا الذي ذكرتموه من (١) القياس والاستعمالاتِ، لا يقاس أحدهما (٢) على الآخر، كما لا يقاس التخصيصُ على النسخ، فإن جازَ أن تقيسوا أنتم التخصيصَ على الاستثناءِ، في منعِ تأخيرِ أحدِهما، كما امتنع تأْخِيرُ (٣) الآخرِ، جازَ أن نقيسَ نحنُ التخصيصَ على النسخ في جوازِ التأخيرِ، فوقفَ دليلُكم، وترجَّحَ قولُنا نحن؛ لأنَّ (٤) النسخَ ودليلَ التخصيصِ جميعاً يبتدأ بهما في اللغةِ، ولا يُبْتَدَأُ عند أهلِ اللغةِ بحروفِ الاستثناءِ.

بيانُ ذلك. أنه يحسُنُ القولُ ابتداءً: وَلِّ وجهكَ شطرَ المسجدِ الحرام، بعدما شرعَ أولاً استقبالَ بيتِ المقدس، وإنْ طالَ [الزمانُ] بينهما، ويَحْسُنُ أن يقولَ: لا تقتلوا أهلَ الَكتابين إذا بذلوا لكم العهدَ، ودفعوا الجزيةَ، بعد قوله: {فَاقْتُلُوا الْمُشْرِكِينَ} [التوبة: ٥] ويَحْسُنُ أنْ يقولَ: أخرجوا من كل عشرة أقفزة مما تنبته الأرض قفيزاً، بعد أن قال: {وَآتُوا حَقَّهُ يَوْمَ حَصَادِهِ} [الأنعام: ١٤١]، وإن طال الزمان بينهما، ولا يحسن أن يبتدىء، فيقول: إلا نافعاً (٥)، وغير نافع، وسوى نافع، بعد أن قال: اضربْ عبيدي، بزمان مديد.

ومنها أن قالوا: لو كان للنبي (٦) - صلى الله عليه وسلم - تأخيرُ البيانِ مع وجودِ الأمرِ


(١) في الأصل: "عن"
(٢) في الأصل: "لأحدهما".
(٣) في الأصل: "تأخر".
(٤) في الأصل: "بأن".
(٥) في الأصل: "نافع".
(٦) في الأصل: "النبي".

<<  <  ج: ص:  >  >>