للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

بالقياس.

جوابٌ آخر:

وهو أنَّ الله سبحانه قد جعل تكليفَهُ على ضَرْبينِ: مضيَّقٍ، وموسَّعٍ، وجعل الموسَّعَ غيرَ مؤاخذٍ بتَأْخيرِ (١) المكلَّفِ له، كقضاءِ رمضان، فيما بينَ رمضانين، والصلاة ما بين الوقتين، فلو اخترمَ المكلَّف في زمن المُوَسَّعِ (٢)، لم يلحقْهُ من جهةِ الله سبحانه لائمةٌ ولا مؤاخذةٌ، فقد نجا من المؤاخذةِ؛ لأجلِ الاخترامِ في وقتٍ كان مُخَيَّراً فيه بين الأداءِ والتأخيرِ، وما خلا من ثوابِ العزمِ على الفعلِ في الوقتِ المُوسَّعِ قبلَ خروجِه، فلا يُنْكَرُ أن يكون حالُ هذا المجملِ والعمومِ، إذا حصلَ الاخترامُ قبلَ بيانِهِما، كحالِ اخترامِ المكلَّفِ في وقتِ العبادة المُوسَّع.

وكان ذلك خارجاً على المذهبين، وصحيحاً على كلا القولين: أربابِ المصالح، والقائلين بالمشيئةِ المطلقةِ من غيرِ إيجاب مصلحةٍ؛ لأنه لما اخْتُرِمَ قَبْلَ البيان، عُلِمَ أن هذا كان هو الأصلحَ، و [على قول] من قال بالمشيئة، عُلِمَ أن هذا كان هو المرادَ، دونَ البيانِ.

ومنها: أنْ قالوا: تجويزُ تأخيرِ البيانِ عن وقتِ الخطاب يفضي إلى أن يأمرَ بشيءٍ، ويكونُ مرادُه عندَ ذلك: الشيء، أو غيره وخلافه (٣)، وذلك لا يجوزُ، كما لو أمر بقتل المشركين وهو يرى استبقاءهم، وبالصوم وهو يريدُ الإفطارَ، وبالقيامِ وهو يريدُ القعودَ،


(١) في الأصل: "بتأخر".
(٢) في الأصل: "التوسع".
(٣) وهو غير جائز، لأنه جمع بين النقيضين. انظر "العدة" ٣/ ٧٣١.

<<  <  ج: ص:  >  >>