للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

اعتقادَ أحدِ الأمرين، وهذا بعيدٌ (١) جداً.

ثم يقال له: إن ما تعلقتَ به يلزمُكَ، ويعودُ عليك في بابِ اعتقادِ المكلَّفِ المخاطبِ في المجملِ والمنسوخِ اللذينِ (٢) يتأخَّر عنهما التفسيرُ والنسخُ، وقد كانَ الاعتقادُ ما لم يأتِ به التفسيرُ والنسخُ، من حيثُ إن المخاطَبَ اعتقدَ التأبيدَ.

ويقلَبُ عليكَ في ذلِكَ سؤالك، فيقالُ: لا يخلو أن تقول: إنَّ الذي يقتضيه الأمرُ بالمجمل: الاعتقادُ دونَ الفعل، أو الفعلُ دونَ الاعتقادِ، أو هما جميعاً، وقد استحالَ الأَوَّلانِ (٣) عندك، فيجبُ أن يلزمَ بحق الأمرِ: الاعتقادُ والفعلُ جميعاً، فيجبُ استحالةُ تأخيرِ بيانِ المجمل، لئلا يُعْتَقَدَ منه غيرُ المرادِ به، وأن يُمْنَع تأخيرُ بيانِ اللفظِ المبيِّن لأستغراقِ الزمانِ، لئلا يُقدَمَ على اعتقادِ تأبيدِه، وأن النسخ لا يردُ عليه، فيكونَ على اعتقادِ الجهلِ للمراد باللفظ، فإن مرَّ على هذا، تَرَكَ قولَه، وإن قال: الاعتقادُ الواجب بالأمر بالمجمل والأمرِ بالعبادة بلفظِ عمومِ الأزمان، إنما هو ألاعتقادُ لمراد الله سبحانه فيه، لا نعرفُه بعينه وإنما يجبُ علينا أن نعتقدَه بعينه إذا بينَ، وإلاَّ فقبلَ البيانِ يجوزُ أنْ يكونَ المرادُ به غيرَ ما اعتقدناه من المجملِ وعمومِ الأزمانِ في اللفظ الذي قُطعَ بالنسخِ عن التأبيدِ.

قيل: فهذا هو جوابنا بعينه عن تقسيمكم علينا في العموم.


(١) في الأصل: "بعيداً".
(٢) في الأصل: "الذي".
(٣) في الأصل: "الأمران".

<<  <  ج: ص:  >  >>