للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

ومنها: ما تعلَّقَ به من أَجازَ (١) تأخيرَ بيان المجمل دون تخصيصِ العمومِ، فقال: إنَّ قوله تعالى: {واَتُوا حَقَّه} [الأنعام: ١٤١] لم يعطنا قدراً نعتقده بعينه، بل مهما ورد به من التفسير من قليلٍ أو كثير، فذاكَ ممَّا ينطبقُ على اللفظ انطباقاً لا يغيِّرُ وصفَه، فإنَّ لفظ الحقِّ لا يعطي قدراً؛ فالمخاطَبُ لايتغيرُ اعتقادُه الأوَّل بالتفسير، لأنه ما كان في صيغة المجمل ما يدعوه ويلجئه إلى قدرٍ مخصوصٍ، فإن اعتقد ذلك، كان ما اعتقده من الجهلِ قد أتِيَ فيه مِن قِبَلِ نفسِه وسوء حسبانِه، الذي لم يوجبه لفظُ الإجمال، والذي يكشفُ هذا: أنَّ المخاطَبَ بالعمومِ يمكنه أن يشرعَ في تنفيذِ المأمورِ مارّاً بالعمل إلى استغراقِ الجنسْ، مثلُ امتثالِه للقتلِ في قوله: {فَاقْتُلُوا الْمُشْرِكِينَ} [التوبة: ٥]، فلا يَترُكُ مشركاً يصادِفُه إلا أوقعَ فيه القتلَ، بخلافِ المجمل، فإنَّه لا يَعْلَمُ من قولِه: {وَآتُوا حَقَّهُ} مِقداراً فيشرع في تنفيذ الأمرِ به، وجئنا (٢) إلى العمومِ، فوجدناه (٣) صيغة تُعطي بظاهرِها ومقتضاها الاستغراق عند مَن أثبتَ العمومَ، فإذا جاء البيانُ بأنَّ (٤) المرادَ بها الخصوصُ، كان الأوَّل من الاعتقادِ محضَ الجهلِ، فهذا هو الموجِبُ لتفريقنا بين تأخير بيانِ المجمل وتفسيرِه، وبيانِ العموم وتخصيصه، وليس يمكنكم في لفظِ العمومِ أنْ تقولوا به على البعضِ والكلِّ (٥)، لأنَّ ذلك يلزمكم به القول بالوقف، وأنتم لا تقولونَ بذلك.


(١) في الاّصل: "أخبار".
(٢) في الأصل: "حينآ".
(٣) في الأصل: "وجدناه".
(٤) في الأصل: "فإن".
(٥) في الأصل: "ولكل".

<<  <  ج: ص:  >  >>