للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

فيقال: إنَّ صيغةَ العمومِ كما تُعطي الاستغراقَ لجميعِ (١) أعيانِ الجنس الذي تناولَه العمومُ، فصيغة الأمرِ تعطي تعميمَ جميع الأزماَنِ، والبقاءَ على التأبيدِ، ثم إنه قد جاز تأخيرُ بيانِ المدةِ بتخصيص الأزمانِ بما يتأخرُ عن اللفظِ من النسح، كذلك التخصيصُ، ولا يَتَحَصَلُ الفرق على ما قررناه من إبطالِ فروقِهم كلِّها، واختلافِ أجوبتهم في ذلك.

على أنه لا فرقَ بين بيانِ المجملِ والعموم، فإنَّ ما يُرادُ به دليلُ التخصيصِ، لا يخرج عندنا ما بقي عن أنَّ يكون عموماً حقيقة صالحاً للابتداء به (٢)، وجميعُ ما يُفسرُ به [المجمل] صالحاً لكونه حقاً حقيقة، يبقى علينا أن الظاهرَ: استغراقُ الجنس والطبقةِ في العموم، وليس لنا ظاهرٌ في مقدار الحقِّ، وهذا القدرُ من الفرقِ لا يعطي إلا الاختلافَ في مرتبة الجهل، وإلا فهما متساويانِ في أصلِ الجهل، والقبحُ يعمُّ القليلَ من الجهل والكثير.

وأمَّا قولكم: لا يمكنه الشروعُ وتنفيذ الأمرِ في المجمل، فلا فرقَ، بل يمكنُه الشروعُ في التصدُّقِ بثمرةِ بستانِهِ، والحَب الذي خرجَ من أرضه، مارّاً إلى استغراقه، إلى أن يردَ الدليلُ بمقدار يبينُ له عن بقيَةٍ يخرجُها، أو يقال له: حَسْبُك، فالذي أخرجتَه هو الحقُّ الذي أردناه، وكلُّ مقدار أخرجه، يجوزُ أن يكونَ هو الحقَّ، ويقعُ عليه الاسمُ، كما أنَّ ما شملَ مِن القتل لمشركَيْنِ فصاعداً، يجوز أن يكونَ هو المرادَ بما يأتي من ذلك التخصيصِ، والله أعلم.


(١) في الأصل: "بجمع".
(٢) وقع في الأصل بعد قوله: "به": "عموماً حقيقة"، ويغلب على الظن أنها زيادة من الناسخ لا وجه لها، لتقدمها في السياق، لذلك حذفتها.

<<  <  ج: ص:  >  >>