للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

في التوراةِ، وذكرَ أنَّ المُعَوَّلَ (١) والعملَ على ما جاء به دون شريعةِ موسى، وهذا ينفي ما تقولون: من أنَّه هو المتبعُ لشريعةِ من قبلَهُ، والعاملُ بها، إلا ما خُصَّ به من النسخِ، والزيادات التي زيدت (٢) في شريعته؛ لأنه إذا أخبر بأنَّه لو كان حياً، لما وسعه إلا أن يتبعه، كيف يكون تابعاً له بعد موته؟! بل هذا القول تنبيه على أنَّه لا يجوزُ اتباعُهُ لشريعةِ موسى وهو ميتٌ.

فيقال أولاً: أين ما يتكرَّرُ منكم من إنكارِ أخبارِ الآحادِ في مثل هذا الأصل؟! ثم إن القرآن يقضي عليه؛ حيث عدَّدَ مَن ذكر من الأنبياء صلواتُ الله عليهم، ثم قال: {أُولَئِكَ الَّذِينَ هَدَى اللَّهُ فَبِهُدَاهُمُ اقْتَدِهْ} [الأنعام: ٩٠]، وقوله: {ثُمَّ أَوْحَيْنَا إِلَيْكَ أَنِ اتَّبِعْ مِلَّةَ إِبْرَاهِيمَ} [النحل: ١٢٣] وقوله: {سُنَّةَ مَنْ قَدْ أَرْسَلْنَا قَبْلَكَ مِنْ رُسُلِنَا} [الإسراء: ٧٧]، أوقوله:، {فَاصْبِرْ كَمَا صَبَرَ أُولُو الْعَزْمِ مِنَ الرُّسُلِ} [الأحقاف: ٣٥]، فهذه الآيُ وأخواتُها، تعطي أنَّه مأمورٌ باتباعِ من سبقه من الأنبياءِ، وقد أخبرَ - صلى الله عليه وسلم - أنَّهُ لقيهُ [موسى] ليلةَ المعراجِ؛ حيثُ نُشِرت له روحُهُ في مثالِ جسدِهِ، وأشارَ عليه بالاستنقاصِ من الخمسين صلاة التي شرعت، حتى عادَ بها إلى خمس صلواتٍ (٣)، وأشار عليه بالاستنقاص، فاستحيا النبي - صلى الله عليه وسلم - من المعاودة، ولم يستنكف عن اتباعه، فالقرآنُ وهذا الخبرُ يقضي على خبرِ عمرَ والتوراة.


(١) في الأصل: "المعمول".
(٢) في الأصل: "زيد".
(٣) وذلك في قصة الإسراء والمعراج وفرض الصلاة كما أخرج أحمد ٤/ ٢٠٨ و ٢١٠، وا لبخا ري (٣٢٠٧)، ومسلم (١٦٤)، والترمذي (٣٣٤٣).

<<  <  ج: ص:  >  >>