للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

على أنَّ الإنكارَ كان لأنَّه نظرَ في هذه التوراةِ بعد دخول التبديل والتغيير عليها، ولا يأمنُ أن يجدَ فيها ما قد وضعوه من إنكارِ ورودِ شريعةٍ بعد شريعةِ موسى، وما أنكروه من أمرِ عيسى، وخوضهم فيه وفي شريعته، وما قد وضعوه في حق نبيِّنا - صلى الله عليه وسلم - مما يدلُّ على أنه متسلط وملك لا أنه نبي، وأَنه (١) مبعوث إلى العرب خاصة لا إلى من أَتبع موسى، وأمثال ذلك من التخاليط.

وقوله: "لو أدركني موسى، لما وسعَه إلا أن يتبعني"، فكلام صحيح؛ لأنه لَمَّا (٢) جاء بنسخِ السبت -وهو الذي شرعه موسى-، وتَخليلِ ما حَرَّمَه من الشحوم عليه، وتغييرِ أحكامٍ كثيرة من التوراة، وموسى ميتٌ [فإنه]، لو كانَ حياً، لما جازَ له البقاءُ على حكم التوراة مع نسخِ القرآن لها، فهذا عينُ الاتباع، فما قال إلا الحقَّ والصدقَ الذي نحن قائلون به، ولا ينفي هذا اتباعَه لما شرعَه اللهُ من حكمِ اليومِ، ونَسَخَه (٣) في كتابنا، فقد جمعنا بين القرآن وما رويتموه، وأنتم لا يمكنكم الجمع.

ونحن لا نقول: إنَّ نبيَّنا متبعٌ لشريعةِ موسى بما يجدُ في التوراةِ، لكنْ بأمرٍ من الله سبحانه يَنْزِلُ به الوحيُ عليه، وإعلامٍ منه أنَّ هذا كانَ شرعاً لي وديناً لموسى.

ومنها: أن قالوا: قد ثبت بالنقل الصحيح: أن النبي - صلى الله عليه وسلم - كان يُسألُ عن الأحكامِ، فيتوقفُ عن الجواب، ولو كانَ متَّبعاً لشرع من قبلَه، لأجابَ بحكم تلكَ الشرائعِ، ولم يتوقف انتظاراً للوحي.


(١) في الأصل: "لكن".
(٢) في الأصل: "كما".
(٣) في الأصل: "وبنسخه".

<<  <  ج: ص:  >  >>