مفروضٌ بحاله، فهو ضد الرفع والإزالة، وما هو إلا بمثابة من طرح في كيس فيه دراهمُ معدودة زيادةً على ما فيه، فإنه لا يقال فيه: ناسخٌ ولا رافعٌ، كذلك هاهنا.
فإن قيل: هناك لا يتحقق رفعُ شيءٍ كان، وهاهنا يصير ما كان كُلاًّ، بعضاً في الحكم، وما كان مُجْزِئاً بنفسه غيرَ مجزىءٍ، فارتفع الحكم الذي كانَ وهو الإجزاءُ.
قيل: لا فرقَ بينهما، فإنَّ الدراهم كانت قليلةً فزالت القلة عنها بما ضمَّ إليها، وكانت العشرة التي في الكيس كلاًّ، فلما ضمَّ إليها عشر أخرى صارت نصفاً لما في الكيس، فهو كما كان فيه عشرةٌ، فَرُفعَ منها خمسة بقيَ النصفُ وقَلَّتْ بعدَ الكثرةِ، فالتغييرُ لا ينعْك عنه ولا يقعُ عليه اسمُ النسخِ، كذلكَ المزيدُ عليه لا يقعُ عليه اسمُ النسخِ مع بقائهِ وضمِّ شيءٍ آخر إليه.
ومنها: أنَّا أجمعنا والمخالفَ على أن الله سبحانه إذا شرع الصلاة ثم شرعَ الصيام، لم تكن زيادةُ الصوم إلى الصلاة نسخاً، وأن كنا نعلم أن تكليفَ الله سبحانه كان كله الصلاةَ، وأنَّ الإيمان يستقلُّ بالشهادتين وبالصلاة، فلما شرع الصومَ صار ما كان كلاًّ بعضاً، وما كان مستقلاًّ به الإيمانُ والتكليفُ غيرَ مستقلٍّ، حتى يؤتى بغيرِهِ وهو الصومُ الذي زيد عليه وضمَّ إليه، فكذلك ضمُّ الركعتين إلى الركعتين، والتغريبِ إلى الجلدِ.
ومنها: أنَّ النسخَ إنما يتحققُ ما لم يمكن الجمعُ بين الحكمين، فاذا لم يمكن الجمع كان الحكمُ المتأخرُ ناسخاً للمتقدم، ووجدنا بأنَّ المزيدَ والمزيد عليه يمكنُ الجمعُ بينهما في اللفظ والحكم جميعاً، فنقول: حدُ البِكْرِ مئةُ جلدةٍ وتغريبُ عامٍ، ولو قال أولاً: