جَلد البكر مئة، ثم قال بعد ذلك: تغريبُ عامٍ، فإنَّ الحكمَ الأولَ والثاني، واللفظَ الأولَ والثاني لا يتنافيان ولا يتضادّان، فلا وجهَ لدعوى النسخ.
ومنها: أنَّ حقيقةَ النسخ أن يتناولَ الناسخُ ما تناوله المنسوخ، وإيجاب الزيادة لا يتناول حكمَ المنسوخ، فلا يجوز أن يكون ناسخاً له.
ومنها: أنَّ الغرض بهذه المسألة إثباتُ الزيادة في حكم القرآن بخبرِ الواحد والقياس، فنقول: إنَّ خبرَ الواحد والقياس دليلان من أدلة الشرع يجوز إثباتُ الحكمِ المبتدأ في الشرع بهما، ويجوز تخصيصُ عمومِ القرآن بهما، فجازت الزيادةُ في حكم النص بهما كأخبار التواتر.
ومنها: أنَّ خبرَ الواحدِ، وإن أوجب ظناً من حيث إنَّ طريقَه غيرُمقطوع به، فإنه قد قضى على دليل العقل المقطوع به، فإنَّ دليل العقل قضى بالبراءة من كل مُشغِلٍ للذِّمة، وسلامة البدن من كل تعبٍ وكلفةٍ، وحقنِ الدماء عن الإراقة، والأبضاع عن البذْلَةِ، ثم يجيءُ خبرُ الواحد فيقضي على الذمة بالشغَل، والأَبدانِ بالإتعاب، والدماء بالإراقة بعد العصمة، والفروجِ بالاستباحة والبِذْلة، وإذا صَلَحَ لمثل هذه القضايا، صلح لتغيير حكم النص بزيادةٍ تنضمُ إليه.